وأنت خبير بأنّ هذا خبر شاذّ مخالف للإجماع والأخبار : ولا يمكن الركون إليه.
وقال الشهيد قدسسره إنّ هذه الفتوى ـ أي فتوى ابن الجنيد ، وهو أن يكون الارتضاع بعد مضيّ حولين من سنّ المرتضع وقبل أن يفطم يكون موجبا لنشر الحرمة ـ مسوقة بالإجماع على الخلاف وملحوقة به (١).
وربما قيل في توجيه هذه الرواية بأنّ المراد من « بعد الحولين » أي بعد مضي الحولين من عمر ولد المرضعة وقبل أن يفطم المرتضع ، ويكون المراد من هذه الرواية أنّه يمكن أن يقع الرضاع هكذا ، لا أنّه من شروط الرضاع أن يكون هكذا كي يكون منحصرا في كونه هكذا ، كما هو ظاهر الرواية لو كان المراد من الحولين صفة ولد المرضعة ، لا المرتضع كما ذكرنا ، فيكون ردّا على ابن بكير. ولكن هذا التوجيه عجيب.
ثمَّ إنّه هل يعتبر هذا الشرط ـ أي : عدم انقضاء الحولين ومضيهما عن عمره ـ في خصوص المرتضع ، أو يكون شرطا لولد المرضعة أيضا؟
فيه خلاف ، فالمشهور بين المحقّقين والفقهاء هو الأوّل ، وحكى عن أبي الصلاح (٢) وابن زهرة (٣) وابن حمزة (٤) بل ادّعى في الغنية الإجماع عليه (٥) كما حكى عنه في الجواهر (٦) هو الثاني.
وهؤلاء الذين يقولون بالاشتراط حتّى في ولد المرضعة يتمسّكون بالإجماع وبإطلاق قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا رضاع بعد فطام » حيث أطلق الفطام ولم يقيّده بفطام المرتضع ،
__________________
ما لا يحرم منه ، ح ٢٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٤ ، ص ٢٩٢ ، أبواب ما يحرم بالرضاع ، باب ٥ ، ح ٧.
(١) الشيخ الأعظم في « كتاب المكاسب » ص ٣٧٨ ، في شروط انتشار الحرمة بالرضاع ، حكى قول الشهيد.
(٢) « الكافي في الفقه » ص ٢٨٥.
(٣) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهية » ص ٥٤٧.
(٤) « الوسيلة » ص ٣٠١.
(٥) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهية » ص ٥٤٧.
(٦) « جواهر الكلام » ج ٢٩ ، ص ٢٩٧.