أو للضامن؟ وجوه.
والأقوى بناء على أن يكون مدرك الضمان وموضوعه تفويت مال الغير كما هو المفروض ، هو ضمان المنفعة التي هي أكثر ماليّة ، وذلك من جهة أنّها بعد كونها متضادّة في عالم الوجود ، فصدق التفويت على جميعها جمعا محال ، لأنّ معنى التفويت معنى هو أنّه صار سبب الفوت ، بحيث أنّه لو لم يكن لكان هذا الفائت حاصلا ، وها هنا حصول الجميع في حدّ نفسه لا يمكن لتضادّها ، ففوت الجميع جمعا مستند إلى تضادّها ، لا إلى المفوّت.
وأمّا أنّ التي يضمنها المفوّت هي التي أكثر ماليّة ، لأنّ المقدار الزائد على البقيّة كان ممكن الحصول لو لا تفويته وحبسه للعين على المالك ، فيكون ضامنا له ، بناء على صحّة قاعدة التفويت واعتبارها ، كما هو المختار عندنا.
نعم هذه القاعدة لا تجري بالنسبة إلى جميع أقسام منافع غير المستوفاة وتكون مخصوصة بما إذا كان عدم الاستيفاء مستندا إلى تفويته ، لا إلى آفة سماويّة. فلو غصب بستانا ـ مثلا ـ أو دابّة كذلك ، وكان عدم استيفاء الغاصب لمنفعة ذلك البستان ، أو تلك الدابّة لوصول آفة سماويّة إليهما لا لحبس الغاصب لهما على مالكهما ، فلا تجري هذه القاعدة ، ولا يمكن الحكم بالضمان لأجل قاعدة التفويت ، وأيضا لقاعدة « وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه » ، وذلك لما ذكرنا من أنّ اليد على العين يد على المنفعة ، فتكون في عهدته ، ولا يرتفع إلاّ بأدائها. ولا فرق من جهة وقوعها تحت اليد بين أن تكون مستوفاة أو غير مستوفاة.
فالحقّ هو أنّ اليد الغاصبة أو غير المأذونة موجبة لضمان العين والمنافع مطلقا ، سواء أكانت مستوفاة أو لم تكن.
ثمَّ إنّه مقتضى القاعدة هو أن يكون الضمان بالمثل في المثلي ، والقيمة في القيمي ، وقد عرفت ذلك مفصّلا عند شرحنا لمعنى الضمان.