ثمَّ إنّه ربما يستشكل بالاستدلال بهذه الصحيحة بأنّها مخالفة للقواعد العامّة ، والأخبار المستفيضة ، بل الأخبار القطعيّة (١). وهي أنّه لا شكّ في أنّ البيّنة وظيفة المدّعي ، والحلف وظيفة المنكر ، والتفصيل قاطع للشركة ، فلا يجتمعان بالنسبة إلى أحد المتخاصمين في واقعة واحدة ، وهنا اجتمع بالنسبة إلى المالك.
وفيه أوّلا : أنّه يمكن أن يكون هذا الكلام باعتبارين واختلاف كيفية إنشاء دعويهما ، وذلك كما إذا ادّعى شخص على زيد مثلا بكذا ، فإن قال زيد في مقام جوابه :
لم تطلب مني شيئا ، يكون منكرا. وإن قال : أعطيتك ، يكون مدّعيا ، ففي المقام إذا ادّعى الغاصب تنزل القيمة يوم المخالفة بعد الاتّفاق في القيمة قبل يوم المخالفة بيوم أو بأيّام ، فيكون المالك منكرا للتنزّل ، وعليه الحلف وعلى الغاصب أن يأتي بشهود.
وأمّا لو كان مصبّ الدعوى والاختلاف في القيمة هو نفس يوم المخالفة ، من غير اتّفاق على القيمة سابقا ، فالقول قول الغاصب ، لمطابقة قوله للحجّة الفعليّة ، وهي البراءة عن الزائد الذي يدّعيه المالك ، فيكون على المالك إقامة البيّنة على ما يدّعيه.
وثانيا : اختلال بعض الفقرات لا ينافي مع حجّية فقرات الأخر.
وأمّا دلالة هذه الصحيحة على أنّ المدار في تعيين القيمة هو قيمة يوم المخالفة ، ففي موضعين :
[ الموضع ] الأوّل : قوله عليهالسلام : « نعم قيمة بغل يوم خالفته ». وقد أفاد الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره في وجه دلالة هذه الفقرة على أنّ المدار في قيمة القيمي التالف قيمة يوم الغصب والأخذ هو أنّ الظرف قيد للقيمة ، وذكر لذلك وجهين :
الأوّل : إضافة القيمة المضافة إلى البغل إليه ثانيا ، فيكون معنى الكلام بناء على
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٤١٥ ، باب ان البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٢٩ ، ح ٥٥٣ ، باب (٨٩) كيفية الحكم والقضاء ، ح ٤ ، « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ١٧٠ ، أبواب كيفية الحكم ، باب ٣ ، ح ١ ـ ٢.