سليمان عليهالسلام ، وذلك في قضية الحرث ، قال تعالى : ( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا .. ) (١).
والفهم : هيئة في الإنسان بها يتحقق معاني ما يحسن ، وأفهمته إذا قلت له حتى تصوره (٢).
واستبعد الجبائي ما ذهب إليه بعض المفسرين من أن حكم سليمان عليهالسلام كان عن اجتهاد ، وأنه اجتهد في حكمه في القضية ، وجزم أن ذلك الحكم كان ( وحياً نسخ به حكم داود الذي كان يحكم به ولم يكن اجتهاداً ) (٣).
وقد أيّد الشيخ الطوسي ما قاله الجبائي مستدلّاً على صحّة ذلك بأن الأنبياء عليهمالسلام ( يُوحَى إليهم ولهم طريق إلى العلم بالحكم ، فكيف يجوز أن يعملوا بالظن ) (٤) وهو ما يحتمل من الاجتهاد.
ويذهب الراغب الأصفهاني إلى ما يؤكد كون ذلك التفهيم وحياً ، إذ يرى فيه وجوهاً محتملة من التفسير : فإما أنه تعالى جعل له من فضل قوة الفهم ما أدرك به ذلك ، وإما بأن ألقى ذلك في روعه [ وهو شكل من أشكال الوحي دون واسطة ] وإما بأن أوحى إليه وخصه به (٥).
وإجمال القول في هذا التفهيم أنه لايخرج عن نطاق الوحي الإلٰهي وذلك
________________
(١) سورة الأنبياء : ٢١ / ٧٨ ـ ٧٩.
(٢) المفردات / الراغب : ٣٨٦.
(٣) التبيان / الطوسي ٧ : ٢٣٧.
(٤) انظر : التبيان ٧ : ٢٣٧.
(٥) المفردات : ٢٨٦.