الواقع منه تعالى للملائكة كما في قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (١) ، فالملائكة يُكَلَّمون بمثل ما كلّم موسى على الطور ، وكما كلّم نبينا صلىاللهعليهوآله عند سدرة المنتهى (٢).
وفي الرواية عن الرسول صلىاللهعليهوآله أنه سئل عن آدم عليهالسلام : أنبيٌّ مرسل هو ؟ فأجاب صلىاللهعليهوآله : « نعم نبي مكلَّم ». وقد تأول بعض المفسرين هذا الحديث فقالوا إن خصوصية التكليم تبقى لموسى عليهالسلام ، ( لأن تكليم آدم كان في الجنّة ) (٣).
ويبدو أن ما يدفع المفسرين إلى القول بحصول التكليم لغير موسى دلالة الآيتين الكريمتين :
١ ـ قوله تعالى : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ ) (٤). فيستدلون بالعموم في قوله : ( مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ ) وإن موسى لم يذكر وحده.
٢ ـ قوله تعالى : ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ ) (٥). إذ يستدل المفسرون بهذه الآية على أنه تعالى كلّم نبينا محمداً صلىاللهعليهوآله عند سدرة المنتهى ، وتكليمه تعالى لنبينا صلىاللهعليهوآله ليلة المعراج أخص وأعلى مرتبة من تكليمه لموسى عليهالسلام.
لأنّ تكليم موسى تمثل فيه الحجاب الذي يمثل نوعاً من أنواع الواسطة
________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٣٠.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٤٧٦.
(٣) جامع أحكام القرآن ٣ : ٢٦٤.
(٤) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٣.
(٥) سورة النجم : ٥٣ / ٨ ـ ١٠.