وأكد الطبرسي هذا المعنى بذهابه إلى أن استعمال القلب هنا تم على سبيل التوسع والبلاغة ، فالمراد بالنزول على القلب عنده : ( إن الله تعالى يسمعه جبريل عليهالسلام فيحفظه ، وينزل به على الرسول صلىاللهعليهوآله ويقرأه عليه فيعيه ويحفظه بقلبه فكأنه نزل به على قلبه ) (١).
وهذا ما فهمه مفسرون آخرون ، فالمراد بالقلب هو القلب الحقيقي من حيث أنّه جعله وعاء للوحي فإنّ الله تعالى ( لقنه حتى تلقنه ، وثبته على قلبه ) (٢).
ومن المفسرين من ربط بين القلب بهذا المعنى وكونه المرتبة الأدنى بعد الروح في عملية التلقي ، فاستعمال القلب في الآيات يراد به التنزل عليه من حيث هو موضع تتنزل عليه المعاني الروحية التي تنتقل إليه بعد تنزلها على الروح لما بينهما من تعلق (٣).
الثاني : إن استخدام القلب هنا لا يراد به هذا العضو الجسماني ، وإنّما يمثل إدراكات النبي النفسية المتلقية للوحي ، بمعنىٰ استبعاد أي دور للحواس الظاهرة في عملية تلقي النبي صلىاللهعليهوآله للوحي عن الملك ، لقوله تعالى : ( عَلَىٰ قَلْبِكَ ) ولم يقل ( عليك ) ، وفيه دلالة على أن المتلقي الحقيقي من النبي للوحي هو ( نفسه الشريفة من غير مشاركة الحواس الظاهرة التي هي الأدوات المستعملة في إدراك الأمور الجزئية ) (٤).
والحقيقة أن استخدام القلب هنا فيه دلالة مهمة ، تتمثل في أن الوحي
________________
(١) و (٢) مجمع البيان ٤ : ٢٠٤.
(٣) الميزان / الطباطبائي ١٥ : ٣١٧.
(٤) انظر : الميزان ١٥ : ٣٠٦.