بتَسَلُّم من اللوح المحفوظ كما ترد الإشارات إلى ذلك ـ ويلقيه إلى النبي الذي يؤدّيه بدوره إلى المكلفين من الناس.
٢ ـ إنّ هذا الوحي بكلّ ما يتعلّق به من أحوال تُميّزه كظاهرة ، أمر خارجي يطرأ على النبيّ لم يسبق له أن تَلَمَّسَه ، فهو بعيد عن إدراكاته النفسية وليس بأمر داخلي أحسّه النبيّ في نفسه باعتبارها مصدر أفرز تلك التعاليم والمعارف.
فهذا الوحي كان ( حقيقة خارجية مستقلّة عن كيان النبي النفسي ) (١) وليس كما يحاول بعض المبطلين أن يصوره عرفاناً داخلياً صادراً عن نفسه ومعارف أفضى بها صفاؤه النفسي وانفعالاته الداخلية التي سمت فوق مستوى عصره.
فهذه الظاهرة لم يكن للنبي تَحَكُّم في عناصرها ولا قدرة على إيجادها فكان الوحي ينقطع عنه أحياناً حتى يطول انقطاعه ويترى أحياناً في دفق مستمر حتى كان يأتيه في أحوال وظروف مختلفة يَقِظاً ونائماً ليلاً أو نهاراً منفرداً أو مع أصحابه.
٣ ـ إنّنا نجد الرسول صلىاللهعليهوآله وهو يتلقّى الوحي متحفّزاً بكلّ وجوده لعملية التلقي نجده مخاطباً مأموراً مُطيعاً يتلقى دون أن يكون له دور في تغيير ما يُلقى إليه ، ولا في تحديد لطريقة الإلقاء ، ولا يصدر عنه أي تصرف في عناصر هذا الوحي. فكل ما له من دور هو أن يَتَلقى. والمُوحي هنا قوة مسيطرة مهيمنة على مدرِكات النبي وأحواله النفسية ، والنبي شخصية متلقية ليس
________________
(١) تاريخ القرآن / الصغير : ٢٢.