وهذا الكلام الموحى به إلى الأنبياء عليهمالسلام ينقسم إلى عدة أنواع
من حيثيات مختلفة ، ويمكن إجمال ذلك في الآتي : فالموحى به ينقسم من حيث ما يتعلّق
بصياغته وألفاظه على قسمين (١). قسم يوحى به على أنه كلام الله تعالى ، فلفظه
ومعناه منه ، وما الملك والرسول إلّا واسطتين في تبليغه للناس ، ليس لهما أدنى تصرّف في زيادة أو نقصان أو تغيير وتبديل في ألفاظه. وهذا القسم يمثّله النصّ القرآني المجيد ، قال تعالى : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ
عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ *
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ *
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ )
(٢). وقسم يوحى به على أنه تعليمات عليه
تبليغها للناس ، كمفاهيم يشيعها النبيّ فيهم ويعبّر عنها بلفظه هو ، وتبقى مفاهيمها كاملة لا يعتريها نقص أو زيادة وما على الرسول إلّا صياغتها في قالب ألفاظه هو صلىاللهعليهوآله. فهي وحي منه تعالى لا يأتي به الرسول من عنده كما قال تعالى : (
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (٣)
ويتمثّل ذلك في الأثر النبويّ الشريف. ________________
(١) انظر : محاضرات في النصرانية / محمد أبو زهرة : ١٠٥ ، وتاريخ القرآن / الصغير : ٢٩.
(٢) سورة الحاقة : ٦٩ / ٤٤ ـ ٤٦.
(٣) سورة النجم : ٥٣ / ٣ ـ ٤.