( أوحَيْتُ ) : أمرتُهم أو بيَّنتُ لهم نقل ذلك الزجاجي (١) والقرطبي (٢).
ويكاد مالك بن نبي يتميز عمن سبق في تفسيره للوحي الملقى إلى الحواريين ، إذ يرى أن ذلك ( يأخذ معنى كلام عادي موجه إليهم ) (٣) ، وهو يستفيد ذلك من إجابتهم نفسها التي يرى أنها تجسم هذا القول بما تدل عليه من يقين إدراكي ناتج بأكمله عن الوحي.
ولا شك أنّ إجابتهم وامتثالهم للوحي الذي وصل إليهم مباشرة أو عن طريق النبيّ تدلّ على هذا اليقين الذي يعبّر فيما يعبّر عن خصوصية في الوحي تجعله خارج أحوال النفس ، فكأنّه يشير إلى أنّ الوحي للحواريين هنا يأتي من خارج أنفسهم ، فهو وحي من الله تعالى ويستبعد أن يكون ألقي إليهم بواسطة الرسل.
ورغم أن جمعاً من المفسرين حاول أن ينزع عن الوحي إلى الحواريين صفة الوحي بمعناه الاصطلاحي ، فإنّه ليس هناك ما يدل على كون صرف هذه الصفة عنهم مقبولاً ، إذ لا يمنع أن يكون هذا الوحي الصادر إليهم مما ينعم به تعالى على نبيه فيسدد له خطاه ويثبِّت الإيمان به وبشريعته في قلوب من حوله من أنصار.
فإذا كان واجب النبي البلاغ المبين فليس منه ولا عليه أن يهدي الناس إنّما الهداية منه تعالى ولا يمنع مانع أن يوحي تعالى بطريقة ما من طرق الوحي ـ لعل الإلهام أقربها وأقواها ـ إلى من ينصر دينه ويعاضد رسله فَيُثَـبِّتهُم على
________________
(١) تهذيب اللغة / الأزهري ٥ : ٢٩٦.
(٢) جامع أحكام القرآن ٦ : ٣٦٣.
(٣) الظاهرة القرآنية : ١٧١.