ويبدو أن الإلهام هو الصورة التي تصل إليها مجمل هذه الآراء المختلفة.
الفريق الثاني : القائلون بالواسطة النبوية بين الله تعالى والحواريين في وحيه إليهم وهؤلاء بقولهم ذلك إنّما يهدفون إلى إبعاد صفة النبوة التي قد تضاف إلى الحواريين بسبب تعبير الآية عما ألقي إليهم بالوحي. ومن القائلين بذلك البلخي أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي ( ت / ٣١٩ هـ ، ٩٣١م ) الذي يرى أن في الوحي إليهم وجهين (١) :
فإما أن يراد أوحيت إليك أن تبلغهم.
أو أوحيت إلى رسول متقدّم. والوجه الأوّل يصرف صفة الحواريين إلى أصحاب الرسول كما يصرف الخطاب إلى الرسول صلىاللهعليهوآله نفسه. وبذلك قال الراغب الذي خصص النبي بأنه عيسى عليهالسلام فقال عن الوحي إليهم ( إن ذلك وحي بوساطة عيسى عليهالسلام ) (٢).
وهذا ما أكده بالإشارة الشيخ الطوسي الذي قال : يعني : أوحَيتُ إلى الرسول الذي جاءهم (٣).
وهو ما ذهب إليه الزمخشري الذي يرى أن ذلك كان أمراً لهم على ألسِنة الرسل (٤).
واكتفى بعض المفسرين من غير هذين الفريقين بالقول : إن معنى
________________
(١) التبيان ٤ : ٥٧.
(٢) المفردات : ٥١٦.
(٣) التبيان ٤ : ٥٧.
(٤) الكشاف ١ : ٦٥٣.