اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) (١).
الثانية : المفرد ، كقوله تعالى : ( ... فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) (٢).
ويرى بعض المفسرين ـ وهو ما يميل إليه الباحث ـ أنّ التعبير عن الملائكة بصيغة الجمع يراد بها جبرئيل عليهالسلام وحده ، وأنّ استعمال الجمع هنا للتعظيم (٣).
وكون المراد بالملك هو جبرئيل استفاده بعض المفسرين من وصفه بالروح حيث ذهب أغلبهم إلى أنّه جبرئيل عليهالسلام (٤).
وذهب السيّد الطباطبائي إلى أنّ المراد في الآيتين واحد ، وأنّ من نزل عليها من الملائكة في الآيتين هو جبريل عليهالسلام وحده ، والبشارة في الأولى قصد بها ما جاء في الثانية من اصطفائها لولادة عيسىٰ عليهالسلام (٥).
وخلاصة القول من ذلك أنه يثبت لمريم عليهاالسلام معاينتها للملائكة ، وخطابهم لها ، والطريقة التي ظهر بها الملك لمريم عليهاالسلام تُعبِّر عنها الآية ( بالتمثل ) ، وتصف الآية ذلك بأنه ظهر لها بشراً سوياً. وهذه هي المرة الأولى وتكاد تكون الوحيدة التي يرد ذكر ( التَمثُّل ) في القرآن الكريم.
وأمّا حقيقة هذا التمثّل وظهور الملك بصورة بشرية فإنّه لا يعني أنّ الملك
________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ٤٢.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ١٧ ـ ١٩.
(٣) الميزان / الطباطبائي ٣ : ١٠٧.
(٤) التبيان ٧ : ١٠٢.
(٥) انظر : الميزان ٣ : ٢٠٧.