رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ ... ) (١). الثاني :
إنّ الوحي إلى السماوات على الخصوص فيكون فيه رأيان : إنه تسخير عند من قال إن السماء غير حيّ
( ليست حية ). أو أنه نطق ، عند من جعلها حية. ويرتبط بمعنى الوحي في الآية ما ينطبق
على تعبيره تعالى عن ذلك بـ ( القول ) وتصريفاته منسوباً إليه تعالى متوجهاً بالخطاب إلى السماء وكذلك إلى الأرض كما في قوله تعالى : (
ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (٢). فقد ذهب بعض المفسرين فيما نقله ابن
دريد إلى أن القول هنا كان لأهل السماوات والأرض وليس لهما تخصيصاً (٣).
وقال آخرون : إن القول هنا تعبير مجازي ، وأنه لا قول على الحقيقة وإنّما المراد دلالة ما جعل فيها. فعن السدي أنه قال : جعل فيها ما أراده من مُلك أو غيره (٤). ويرى الشريف الرضي أن مثل هذا ( القول )
في هذه الآية وأمثالها إنّما هو استعارة بلاغية ، لأنّه لا يصح في السماوات والأرض أن تؤمراً أو تخاطبا ، لأنّ ذلك لا يكون إلّا لمن يعقل فكان المراد من هذه الآيات ( الإخبار عن عظيم قدرة الله تعالى وسرعة مضي أمره ، ونفاذ تدبيره ، ووقوع أوامره سبحانه من غير معاناة ولا كلفة ولا لغوب ولا مشقة ). ________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ١٢.
(٢) سورة فصلت : ٤١ / ١١.
(٣) انظر : جمهرة اللغة ٩ : ١١٢.
(٤) انظر : التبيان / الطوسي ٩ : ١١٢.