( فلولا الميل الحاصل
بسبب الشهوة والغضب والوهم والخيال [ وهي مدركات وقوى للنفس ] لم يكن لوسوسته تأثير البتة ، فدل هذا عنده على أن الشيطان الحقيقي هو النفس ) (١). ٣ ـ
من خلال هذا الارتباط للوحي الشيطاني بالنفس نلتمس له التقاء مع الوحي عموماً في توافر معنى الإلقاء الخفي ، وهو ما نجد الإشارة واضحة إلى تأكيده من خلال ما يلي : أ ـ
وصف الشيطان وهو متلبس بوحيه : بالوسواس والخناس ، قال تعالى : ( مِن شَرِّ
الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ *
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ )
(٢). فالوسواس من الوسوسة وهي الصوت الخفي (٣). والوسوسة : الكلام الخفي الذي يصل
قلوبهم من غير سماع (٤). والخناس : الكثير الاختفاء بعد الظهور (٥). وقد قيل : الخناس الكثير الاختفاء ..
وهو المستتر المخفي من أعين الناس ، لأنّه يوسوس من حيث لا يُرى بالعين (٦).
كما وصف ما يلقيه أيضاً بالوحي في آيتين قال تعالى : (
... شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ .. )
(٧) ، وقال تعالى : (
... وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ ________________
(١) مفاتيح الغيب / الفخر الرازي ١٩ : ١١٤.
(٢) سورة الناس : ١١٤ / ٤ ـ ٥.
(٣) العين / الخليل بن أحمد الفراهيدي ٧ : ٣٣٥.
(٤) مجمع البيان / الطبرسي ١٠ : ٥٧١.
(٥) التبيان / الطوسي ١٠ : ٤٣٧.
(٦) مجمع البيان ١٠ : ٥٧١.
(٧) سورة الأنعام : ٦ / ١١٢.