لنشرها فإنّها في
بابها مما لا نظير له ، والحمد لله على هدايته وعظيم عنايته ) (١). جدير بالذكر أنّ المأمون العباسي قد
عيّر بعض أصحاب الحديث من الحشوية على روايتهم لأكذوبة الغرانيق فقال لهم في جملة كلامه : ( .. وكما رويتم أنّ الشيطان يفرّ من ظلّ عمر ، وألقىٰ على لسان نبي الله صلىاللهعليهوآله : وأنّهنّ الغرانيق العلى ! ففرّ ـ يعني الشيطان ـ من عمر ، وألقىٰ على لسان النبي
بزعمكم الكفر ) ! (٢) ولهذا نرى بعض علماء العامّة قد نفى
قصّة الغرانيق وحكم بكذبها واختلاقها ، وانها من الموضوعات التي لا أصل لها ، وانها من وضع الزنادقة وإن قال الهيثمي بأنّ رجالها رجال الصحيح ، إذ لا صحيح البتة في قبال النيل من قداسة النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله. والخلاصة من كل ذلك ، أن هذه القصة
مردودة بكل ما تضمّنته وأشارت إليه من وقائع ، وما يرتبط بها من مظاهر التشكيك والدس والإساءة إلى الرسول صلىاللهعليهوآله
، بل إلى شريعته ، وسواء قصد ذلك عمداً أم كان دون قصد فإنّ قبول القصة وتصديقها يعد هدما لمفاهيم وأسس عديدة يقوم عليها التشريع الإسلامي عموماً. ________________
(١) أبو هريرة / السيد عبد الحسين شرف الدين : ١٠٦ ـ ١٠٧.
(٢) عيون أخبار الإمام الرضا عليهالسلام ٢ : ١٩٩ ـ ٢١٥ / ٢ باب (٤٥) والمقطع المذكور في الصفحة : ٢٠٣ ، وأعاب عليهم بهذا ونحوه الكراجكي في التعجب : ٥٩ ، والبياضي في الصراط المستقيم ٣ : ٨١ ، والقاضي نور الله التستري في الصوارم المهرقة : ١٤٣.