وبالإضافة إلى ما مرّ من موارد إبطال القصة يستفيد الباحث موارد أخرى لردها وإبطالها ، والاستناد في ذلك إلى أدلة عقلية ونقلية مرت الإشارة إلى بعضها ويمكن إجمال ذلك في الآتي :
١ ـ إنّ الله تعالى بيَّن أن الشياطين لا سبيل لهم إلى الوحي والتدخل فيه لأنهم معزولون مرجومون بالشهب ، وإنّما لم يكن لهم ذلك حراسة للمعجزة من أن تتموّه بالباطل ، لأنّ الله تعالى إذا أراد أن يدل بها على صدق الصادق أخلصها بمثل هذه الحراسة (١). قال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) (٢) ، فالشياطين لاسبيل لهم إلى الوحي ، وما استرقوه منه ممن خطف الخطفة منهم فإنهم إنّما ينزلون به ( عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) (٣). وإن تجويز مثل هذه الروايات والخرافات فيه نسبة الإفك والإثم إلى الرسول صلىاللهعليهوآله.
٢ ـ إن هذه الروايات تضمنت ما قد نزهت الرسل عنه من تأثير فعل الشيطان ، ومدح الأصنام ، وترجّي شفاعتها بما فيه من إشراك بالله تعالى يتنزّه الرسول صلىاللهعليهوآله عنه وهو الذي أرسله الله تعالى لمحاربة الشرك والأوثان وهو الذي ( نزهه تعالى عن الأمور الخارجة عن باب المعاصي كالغلظة والفظاظة وقول الشعر مما هو دون مدح الأصنام المعبودة دون الله ) (٤).
٣ ـ إن الله تعالى بيَّن في كتابه الكريم أن السبيل إلى التخلص من إلقاءات
________________
(١) انظر : التبيان / الطوسي ٨ : ٦٧.
(٢) سورة الجن : ٧٢ / ٢٦ ـ ٢٧.
(٣) سورة الشعراء : ٢٦ / ٢٢٢.
(٤) تنزيه الأنبياء / الشريف المرتضى : ١٠٧ ـ ١٠٨.