الوحي ( القرآن ) فما يمنعه أن يلقي في بعضه الآخر ، ونحن نعلم بقطع أن حفظ الوحي يعني أن يكون ( حفظاً من كل تخليط وتغيير بالزيادة والنقصان يقع من ناحية الشياطين بلا واسطة أو معها ) (١).
٥ ـ ما مرّ بيانه من إطباق علماء الإمامية قديماً وحديثاً على ردّ هذه الفرية ، وكذلك نخبة من علماء العامة ضعفوا هذه الروايات ووصفوها بالكذب والافتراء والوضع والخرافة والنقص حتى نسبها بعضهم إلى الزنادقة ، الأمر الذي يجعلها من صنف الأساطير والخرافات التي لا أصل لها على رغم أنف من احتج بها أو صححها.
وقد كان من أسباب هذا الخلاف في القول بإلقاء الشيطان وإمكان ذلك ما يحتمله لفظ التمني في قوله تعالى : ( ... إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ... ) (٢) من معان منها :
أ ـ أن يكون التمني هنا بمعنى التلاوة. كقول حسان بن ثابت :
تَمنَّى كتابَ الله أَول لَيلَةٍ |
|
وآخره لاقى حِمامَ المَقادِرِ |
فيكون معنى الآية كما يفسرها السيد المرتضى : ( إن من أرسِلَ قبلك من الرسل كان إذا تلا ما يؤدّيه إلى قومه حرَّفوا عليه وزادوا فيما يقوله ونقصوا ) (٣).
أو أن يكون الملقي هو الشيطان يلقي شبها متصلة على الناس ليجادلوا
________________
(١) الميزان / الطباطبائي ٢٠ : ٥٤.
(٢) سورة الحج : ٢٢ / ٥٢.
(٣) تنزيه الأنبياء : ١٠٧.