ويَطيبُ ليَ من خلالِ هذه البحث أن أقدّمَ دعوةً مخلِصةً إلى كلِّ مَن يَحمِلُ العلمَ ، ويشفعه بعقيدته الإسلامية ، أن يلتفت إلى هذا العلم الذي ينطلقُ بخطىً هائلةٍ ليحتلَّ مكانتَه المتميزةَ بينَ جميعِ العلومِ ، وقد بلغتْ فيه بعضُ المراكزِ العلميةِ في الشّرقِ والغربِ مستوياتٍ متقدمةٍ جدّاً ، وتوصلَتْ في أبحاثها ودراساتِها النظريةِ والتطبيقيةِ إلى حقائقَ مذهلةٍ تجعلُنا أمام مسؤوليةٍ خطيرةٍ يُمثّلُ التهاونُ في تحمُّلها والتأخرُ عن القيام بما تُمليه تقصيراً بحقِّ تراثِنا العلمي الإسلاميِّ الخالدِ وريادتِه في الإشارة والبحثِ لمثلِ هذه الظواهرِ ، إِذ وردت الكثيرُ من التحليلاتِ العلميةِ الدقيقةِ لتلك الظواهر ، وتَمثَّلَ ذلك خصوصاً في الفكرِ الصوفيِّ والفلسفيّ والكلاميّ الذي بَحث في النّفسِ وقِواها وإدراكاتِها وَصِلتِها بعالمِ الغيبِ ، كما مثّلتِ الكراماتُ مَجالاً للخَوضِ في بعضِ العناصرِ الفكريةِ المرتبطةِ بهذه الظواهر ، الأمر الذي ينبغي إلفات أنظار الباحثين إليه وإن كُنتُ أتمنى أن أوفَّقَ شخصِياً لدراستِهِ.
هذه الاطلالة السريعة لابدّ منها ونحن نتحدث عن ظاهرة الوحي في القرآن الكريم في بابين :
الأوّل : ( مصادر الوحي في القرآن الكريم ) ، وقد استقصيت في هذا الباب كل ما ورد في القرآن الكريم من نسبة الوحي إلى كونه يصدر عن عدة مصادر ، جمعتها في ثلاث فصول ، وهي : ( الوحي الإلٰهي ) ، و ( الوحي الشيطاني ) ، و ( الوحي من مصادر أخرى ).
الثاني :
( الوحي من حيث المتلقي ) ، واستقصيت في هذا الباب الموارد المتعددة التي وردت الإشارات القرآنية بأن الوحي قد ألقي إليها ، وقد تمت دراستها في ثلاثة فصول ، وهي ( الوحي النبوي العام ) ، و ( الوحي المحمدي ) ،