المحسوسةِ الماديَّةِ وهي مظاهرُ مشابهةٌ لما يقومُ هذا العلمُ بمحاولاتٍ في التفسيرِ للوصولِ إِلى ماهيَّتِهِ وأشكالِهِ.
وهذه المظاهرُ بالذاتِ اتّخذَها العديدُ من الباحثينَ والمفسّرينَ المحدثين أدلةً ومنافذَ في إثباتِ ظاهرة الوحي ، وإنّها تضمّنتْ اتصالاً خفياً خارجياً بينَ النبي والموحي إليه ولم تكن ظاهرةً داخليةً تمثلُ معارفُها انعكاساً لحالةِ النبي النفسية الداخلية كما لم تكن نتيجة لتشنجات وحالات عصبية كالصرع والهستيريا وغيرَها كما حاولَ بعضُ المستشرقينَ تصويرَها.
فالوحيُّ الإلٰهي في حقيقتهِ ، قدّم صورةً جليةً من الاتصالِ الخارقِ غيرَ المنظورِ بينَ ذاتين من عالمينِ مختلفينِ ، سمتْ فيه النفسُ النبويةُ الإنسانيةُ إلى الاتصال بالملأ الأعلى والتلقِّي منه ، فكانت ظاهرةٌ إعجازيةٌ قدمتْ نماذجَ من الاتصالِ الخفيْ عن غيرِ المتلقي لهُ.
وتجلّتْ عظمتُها في خصوصية معارفها التي كانت أعظمُ ما فيها أنَّ كمّاً هائلاً من المعارف يُلقى في لحظةٍ خاطفةٍ لا يكادُ يكونُ للزمن فيها تقديرٌ أو وجودٌ ، وإنّما هو انتقالٌ لمعرفةٍ من ذاتٍ إلى ذاتٍ بحيث لا يمكنُ إطلاقاً تصوُّر مدى للمقارنة مع العلوم والمعارفِ المكتسبةِ بالطرقِ النظريةِ الاستدلاليةِ والكسبيةِ.
وإني لأرجو أن يكون هذا البحث مقدمةً للدخولِ إلى آفاقِ العلومِ الروحيةِ والنفسيةِ والدراسات الإسلاميةِ فيها وخصوصاً ظواهرُ ( الباراسيكلوجي ) التي تقدِّمُ دليلاً قاطعاً لا مجالَ للشَّكِ أو الاحتماليةِ فيه لإثباتِ المفاهيم والعقائد الإسلامية ( القرآنية ) في عالَمِ الرُّوحِ والنفسِ الإنسانيةِ وقواها ، وإدراكاتِها وملكاتِها المتميِّزةِ.