من سبقه أو كان في عصره ، وهذا كسائر الأنبياء عليهمالسلام مثل لوط الذي كان في عهد إبراهيم عليهالسلام. وهكذا يفترقون من حيث هذا الاعتبار فإنّ منهم من شرع ، ومنهم من لم يشرع (١).
ومنها أيضاً التفاضل من حيث المعجزات والكرامات المصاحبة للاصطفاء والنبوة ، فمنهم من انفرد بمعجزة واحدة على قدر ما يستوعبه عصره من وجوه خرق القوانين والعادات الطبيعية تكون وقتية محدّدة باستمرار نبوته كموسى وعيسىٰ عليهماالسلام ، ومنهم من كانت معجزته مستمرة وباقية حتى بعد نبوته كمعجزة نبيّنا صلىاللهعليهوآله الخالدة إلى يوم القيامة وهي القرآن الكريم.
من مجمل هذه الوجوه في التفاضل وغيرها نستشف أن النبوة في ذاتها مرتبة واحدة مستوية ، وخصلة مشتركة في جميع هؤلاء البشر المخصوصين. فالنبوة هي فضيلة الجميع ، وأنهم إنّما يتفاوتون في زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والألطاف والمعجزات المتباينة ، وهذا ما دل عليه ظاهر آية التفضيل نفسها فقد جاء الخصوص فيها بقوله تعالى : ( مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ ) وقال تعالى : ( وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ). فالآية نبّهت أولاً إلى أنهم مشتركون جميعاً في مرتبة الإرسال بالنبوة ثم خصّ بعضهم بالتكليم والرفع درجات :
فإذا كان موسى كلّم فإنّ الأنبياء جميعا كلّموا أيضاً إلّا أنّ موسى خصَّ من
________________
(١) مجمع البيان / الطبرسي ٣ : ٣٥٨.