الثّالث : أن يقال إنّ تحصيل الجزم بالنيّة وإن لم يكن معتبراً في جميع الواجبات إلاّ أنّه معتبر في خصوص صلاة المرأة الخارج منها الدم المردّد بين دم الحيض ودم البكارة بمقتضى هاتين الصحيحتين ، حيث دلّتا على وجوب الاختبار بالإضافة إليها فلو صلّت لا مع الجزم بالنيّة فسدت.
وهذه الوجوه برمّتها فاسدة لا يمكن المساعدة على شيء منها.
أمّا احتمال حرمة الصّلاة على الحائض ذاتاً فيدفعه أنّه أمر لم يقم عليه دليل ، لأنّ نهيها عن الصّلاة في هاتين الصحيحتين أو إحداهما بقوله فلتتّق الله وتمسك عن الصّلاة إذا كان الدم دم حيض ، وفيما ورد من قوله عليهالسلام « دعي الصّلاة أيّام أقرائك » (١) إرشاد إلى فساد صلاة الحائض لعدم الأمر بها ، وأمّا أنّها من المحرّمات الإلهيّة الذاتيّة في الشريعة المقدّسة فمما لا نحتمله ولا دليل عليه.
وأمّا دعوى اشتراط الجزم بالنيّة في العبادات فيدفعه ما ذكرناه في غير مورد من أنّ العبادة يعتبر إضافتها إلى المولى نحو إضافة ، وأمّا اعتبار الإتيان بها مع الجزم بالنيّة وغيره فهو أمر زائد يحتاج اعتباره فيها إلى دلالة الدليل ، ولا دليل على اعتباره في المقام.
وإنّما الكلام في الوجه الثّالث ، حيث قد يتوهّم أنّ الصحيحتين دلّتا على نهي المرأة عن الصّلاة إلاّ مع الاختبار ، فلو جازت الصّلاة في حقّها مع الرّجاء ولم يعتبر في صحّتها الجزم بالنيّة لم يكن لاشتراطه مطلقاً وجه صحيح.
ولكنّه يندفع بأنّهما دلّتا على نهي المرأة عن أن تصلّي حينئذ كما كانت تصلّي لولا هذا الدم ، حيث إنّها كانت تصلّي مع الجزم بالنيّة على ما هو الطبع والعادة في الامتثال فقد دلّتا على أنّها لا تتمكّن من الصّلاة مع الجزم حينئذ ، لأنّه تشريع محرّم والاستصحاب منقطع في حقّها ، وأمّا أنّها لا تتمكّن من أن تصلِّي رجاء عدم كونها حائضاً فلا دلالة عليه في شيء من الصحيحتين.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٨٧ / أبواب الحيض ب ٧ ح ٢.