العطّار ، إنّه يروي الرّوايات عن كتب الرواة ثمّ يذكر أسانيدها وطرقه إلى مؤلّفيها لتخرج الرّوايات بذلك عن الإرسال إلى الاسناد على ما ذكره في تهذيبه (١) ، وبينه وبين الشيخ مدّة من الزّمان وإن أمكن أن يروي عن غير كتبهم في بعض الموارد أيضاً ، والكليني يروي عن نفس محمّد بن يحيى ، لأنّه من مشايخه وأساتذته ، وحيث إنّا نقطع أنّ محمّد بن يحيى لم يرو روايتين متعاكستين ، وإنّما الرّواية واحدة فلا محالة نقطع بأنّ رواية محمّد بن يحيى إنّما هي إحدى الرّوايتين أعني رواية التهذيب ورواية الكافي وحيث أنّ الكليني يروي عن نفس محمّد بن يحيى ، والشيخ يروي عن كتابه مع الواسطة ، وهو أضبط بخلاف روايات الشيخ في تهذيبه حيث وقع فيها الاشتباه على ما ذكروا موارده ، فلا محالة نجزم أو نطمئن بأنّ رواية محمّد بن يحيى هي الّتي يرويها الكليني قدسسره لبُعد أن تكون رواية محمّد بن يحيى ما عثر عليه الشيخ في كتابه ولو مع الواسطة ، دون ما ينقله عنه الكليني من نفسه بدون واسطة وأنّه وقع اشتباه في رواية الشيخ بتبديل الأيسر بالأيمن إمّا في كتاب محمّد بن يحيى وإمّا في رواية الشيخ.
لكن الظاهر أنّ الاشتباه ممن تقدّم على الشيخ ، حيث إنّه يجري على طبق رواياته في كتبه ويفتي على طبقها. وعليه فرواية الشيخ الّتي هي مستند المشهور غير ثابتة وهو من اشتباه الرّواية بغيرها ، حيث لا ندري أنّ رواية محمّد بن يحيى هي الّتي رواها الشيخ أو غيره ، ومعه لا يمكن الاعتماد عليها. وحاصل ما ذكرناه في المقام هو استبعاد أن تكون رواية محمّد بن يحيى هي الّتي عثر عليها الشيخ في كتابه ولو مع الواسطة دون ما روى عنه الكليني من نفسه بلا واسطة هذا.
ولكن قد ظهر بعد المراجعة أنّ الشيخ قدسسره يروي روايات محمّد بن يحيى العطار بطريقين : بطريق أحمد بن محمّد بن يحيى ، وبطريق الكليني نفسه ، فكلّما روى عنه الشيخ إنّما يرويه بواسطتهما ، ومع عدم نقل الكليني الرّواية كما ينقلها الشيخ
__________________
(١) التهذيب ١٠ ( المشيخة ) : ٥.