اليوم الرّابع أو الخامس ، لا أنّها تراه في اليوم الحادي عشر مثلاً بعد انتهاء عادتها ، فلا دلالة للرواية على أنّه يتأخّر عن منتهى العادة بوجه لو سلّمنا دلالتها على تأخّره عن مبدئها وأوّلها ، لأنّ التقدّم والتأخّر لا بدّ من أن يلاحظا بالإضافة إلى شيء واحد قد يتقدّم عليه وقد يتأخّر عنه. هذا كلّه فيما إذا كانت المرأة ترى الدم بعد عادتها من غير سبقه بالحيض.
وأمّا إذا كان مسبوقاً به بأن ترى الحيض في عادتها وبعدها رأت الصفرة مثلاً فقد استدلّ في الحدائق على كونها حيضاً بإطلاق الرّوايات (١) الواردة في الاستظهار الدالّة على أنّ الدم إذا تجاوز عن عادة المرأة لا بدّ من أن تستظهر بيوم أو يومين ، فإن تجاوز العشرة تأخذ عادتها حيضاً والباقي استحاضة ، ومع عدم تجاوز العشرة يحكم بكون الجميع حيضاً ، حيث دلّت على الحكم بحيضيّة الجميع عند عدم تجاوز الدم العشرة من دون تفصيل بين كونه واجداً للصفات وبين كونه فاقداً للصفات.
وفيه : أنّ إطلاق الرّوايات وإن كان يقتضي ما أفاده إلاّ أنّه غير قابل للاعتماد عليه ، لأنّ الأخبار معارضة بصحيحة محمّد بن مسلم أو حسنته المتقدّمة (٢) الّتي دلّت على أنّ الصفرة في غير أيّام العادة ليست بحيض ، والمعارضة بينهما بالعموم من وجه لأنّ تلك الرّوايات تقتضي الحكم بحيضيّة الدم الخارج بعد العادة غير المتجاوز عن العشرة مطلقاً ، أي سواء أكان واجداً لصفات الحيض أم لم يكن ، وهذه الصحيحة أو الحسنة تدلّ على أنّ الصفرة في غير أيّام العادة ليست بحيض ، سواء كانت مسبوقة بالحيض أم لم تكن ، فتتعارضان في الصفرة الخارجة بعد الحيض.
فالطائفة الأُولى تقتضي الحكم بحيضيّتها بإطلاقها ، والصحيحة تدلّ على عدم كونها حيضاً ، وبما أنّ تعارضهما بالإطلاق فيحكم بتساقطهما في مورد المعارضة ويرجع فيه إلى أخبار صفات الحيض ، لأنّه ممّا لا خفاء فيه لأنّه دم حارّ أسود
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٠٠ / أبواب الحيض ب ١٣.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٧٨ / أبواب الحيض ب ٤ ح ١.