قلت : فإنّها ترى الطّهر ثلاثة أيّام أو أربعة ، قال : تصلّي ، قلت : فإنّها ترى الدم ثلاثة أيّام أو أربعة ، قال : تدع الصّلاة ، تصنع ما بينهما وبين شهر ، فان انقطع الدم عنها ، وإلاّ فهي بمنزلة المستحاضة » (١).
فإنّ الجملة الواردة في صدرها ، أعني قوله « تدع الصّلاة » جواباً عن أنّ المرأة ترى الدم ثلاثة أيّام أو أربعة ، تدل على أنّ الدم المحتمل كونه حيضاً أو استحاضة حيض وذلك لضرورة أنّ الدم ثلاثة أيّام أو أربعة يحتمل أن يكون استحاضة ولا تعيّن له في الحيضيّة ، بل الحال كذلك في جميع النِّساء لعدم علمهنّ بالغيب وأنّ الدم حيض ، لأنّ مجرّد رؤية الدم ثلاثة أيّام أو أربعة لا يدل على أنّه حيض ، ومعه حكم عليهالسلام بكونه حيضاً عند اجتماع شرائطه لا محالة.
ولا ينافي ذلك ما ورد في الجملات المتأخّرة عن هذه الجملة ، لأنّ الحكم بالحيض في أيّام الدم والطّهر في أيّام طهرها إلى شهر وإن لم يمكن حمله على الحكم الواقعي لأنّ الحيض يشترط فيه أن يتأخّر عن الحيضة السابقة بعشرة أيّام على الأقل لأنّها أقل الطّهر كما عرفت ، ولا يمكن الحيض قبل ذلك واقعاً ، فلا بدّ في الرّواية من التأويل كما قدّمناه عن بعضهم إلاّ أنّ ذلك إنّما هو في الجملات المتأخِّرة ولا يضرّ بالجملة الأُولى بوجه ، لأنّها قد اشتملت على حكم مستقل لا ربط له بالجملات المتأخِّرة ، ومن هنا لو كان سكت عليها لم يكن الحكم غير تام ، وقد عرفت أنّ الحكم في تلك الجملة يدلّنا على أنّ الدم إذا كان مردّداً بين الحيض والاستحاضة فهو حيض ، نعم لو كانت الرّواية من الابتداء متضمّنة للحكم بالحيضيّة في أيّام الدم وبالطهر في غيرها إلى شهر لم يمكن الاستدلال بها على المدّعى.
وأصرح من ذلك صحيحة صفوان ، قال « سألت أبا الحسن الرّضا عليهالسلام عن الحبلى ترى الدم ثلاثة أيّام أو أربعة تصلّي؟ قال : تمسك عن الصّلاة » (٢) حيث
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٨٥ / أبواب الحيض ب ٦ ح ٢. وفي طبعة المؤسّسة « ما بينها ».
(٢) الوسائل ٢ : ٣٣١ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ٤.