فائدة الاستبراء وأنّه لمعرفة الحال لا أنّه قيد معتبر في الغسل.
الرّابع : أنّ الاستبراء واجب عقلاً ، والأمر في الرّوايات للإرشاد إليه ، وهذا هو الصّحيح.
وتقريبه : أنّ الاستصحاب ساقط في حقّها كما عرفت ، ومع سقوطه تعلم المرأة بأنّها إمّا حائض وإمّا طاهرة ، ولكلّ منهما أحكام إلزاميّة ، وليس لها أن تغتسل وتصلِّي لاحتمال كونها حائضاً ، ولا أن تتركهما لاحتمال كونها طاهرة ، فلها علم إجمالي بتوجّه أحكام إلزاميّة في حقّها ، ولقد تنجزت عليها بالعلم الإجمالي ، ولا مناص من أن تخرج عن عهدتها.
ولا تتمكّن من الامتثال بالاحتياط بالجمع بين أحكام الحائض والطاهرة ، لدوران أمرها بين المحذورين ، فإنّ زوجها إذا طلب منها التمكين للجماع يجب عليها ذلك إن كانت طاهرة كما أنّه يحرم عليها إذا كانت حائضاً ، وكذلك الأمر في الصّلاة بناءً على أنّ حرمة العبادة على الحائض ذاتية فإنّ الصّلاة حينئذ إمّا واجبة في حقّها لو كانت طاهرة وإمّا محرمة لو كانت حائضاً. فلا تتمكن المرأة من الخروج عن عهدة تلك التكاليف المنجزة بالاحتياط ، ولا يرخّص العقل في إهمالها ، لتمكنها من الامتثال بتحصيل المعرفة بالحال.
فالاستبراء والاستخبار واجبان عليها بالعقل وإن كانت الشبهة موضوعيّة ولا يجب فيها الفحص ، وذلك لتنجز الحكم في حقّها وتمكنها من الامتثال بالفحص والاختبار ، ومعه لا إشكال في لزوم الخروج عن عهدة ما توجهت عليها من أحكام إلزامية ، والأخبار الآمرة بالاستبراء إنّما وردت إرشاداً إلى ذلك الحكم العقلي ، ونتيجة ذلك أنّها إذا اغتسلت ولم تستبرئ وكان قد انقطع دمها واقعاً صحّ غسلها وصلاتها لعدم اشتراط الغسل في حقّها بشيء.
نعم بناءً على أنّ حرمة العبادة على الحائض تشريعيّة لا ذاتيّة تتمكّن المرأة من الخروج عن عهدة ما توجه عليها من الحكم الإلزامي بالصلاة مثلاً بالاحتياط ، بأن تغتسل وتصلِّي رجاءً ، لعدم حرمتها في ذاتها ، ولا مانع من التقرّب بما ليس بمبغوض على نحو الرّجاء ، وهذا بخلاف مثل التمكين لدوران أمره بين المحذورين.