والإدبار أمارة الاستحاضة ، ولا يشمل شيء منهما لناسية العدد :
أمّا الأخبار المطلقة فلاختصاصها بغير ذات العادة ، فإنّها لا ٢ تحتاج إلى التمييز ولا تكون الصفرة والبرودة فيها أمارة على الاستحاضة ، بل كل ما تراه المرأة في أيّام عادتها من صفرة أو حمرة فهو حيض ، وحيث إنّ المرأة ذات عادة وهي تعلم بوقتها لكن نسيت عددها فلا تكون مشمولة لتلك الأخبار بوجه ، على أنّ المرأة قد تعلم بمخالفة الصفات لعادتها ، كما إذا كان الدم تسعة أيّام واجداً للصفات وهي تعلم أنّ عددها لا يتجاوز الستّة قطعاً وإن لم تدر أنّه أربعة أو خمسة أو ستّة ، أو كان الدم واجداً لها خمسة أيّام وهي تعلم أنّ عددها أكثر من خمسة يقيناً ، ومع العلم بمخالفة الأمارة والصفات لعادتها كيف يمكنها الرّجوع إليها.
وأمّا المرسلة فلأنها على تقدير شمولها للناسية كما ادّعاه صاحب الحدائق وبعض من تأخّر عنه وقالوا : إنّ الناسية هي القدر المتيقن من المرسلة ، ويأتي عدم شمولها للناسية أصلاً (١) فإنّما تختص بالناسية للوقت والعدد كما صرّحت بذلك في جملتين منها أو أكثر كما في قوله « فهذا بيّن أنّ هذه امرأة قد اختلط عليها أيّامها ، لم تعرف عددها ولا وقتها » وقوله « فإذا جهلت الأيّام وعددها » ، وأمّا ناسية العدد فقط فهي خارجة عن موردها.
وأمّا عدم رجوعها إلى الأقارب فلأنه إنّما ورد في موثقة سماعة ورواية محمّد بن مسلم وزرارة (٢). أمّا الموثقة فهي مختصّة بالمبتدئة ، حيث وردت في جارية رأت الدم زائداً على العشرة في أوّل ما حاضت ، فلا تشمل الناسية بوجه ، وأمّا الرّواية ففيها أنّها وإن كانت شاملة للناسية بإطلاقها إلاّ أنّ الاستدلال بها غير تام.
أمّا أوّلاً فلأنّها ضعيفة السند ، لأنّ طريق الشيخ إلى ابن فضال ضعيف (٣).
وأمّا ثانياً فلأنها واردة في المستحاضة قبل العادة ، حيث قال « المستحاضة تنظر »
__________________
(١) يأتي في الصفحة ٢٩٥.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٨٨ / أبواب الحيض ب ٨ ح ١ و ٢.
(٣) مرّ صحّة طريق الشيخ إلى ابن فضّال ، فلاحظ الصفحة ٧٠.