حيضاً مع إمكان جعل الثّلاثة من الخمسة الأخيرة حيضاً إنّما هو من باب الحكم والفتوى ، مع أنّه إنّما حكم بجعل العدد في أوّل رؤية الدم من باب الاحتياط (١) ، إلاّ أنّه سهل لأنّ الاحتياط لزومي ، والاحتياط اللازم بمنزلة الفتوى وهو ظاهر.
وتوضيح الكلام في المقام أنّ الماتن قدسسره قد ذكر في المقام أنّ المرأة إذا رأت الدم ثلاثة أيّام واجداً للصفات وثلاثة أيّام فاقداً لها وخمسة أيّام واجداً للصفات تجعل الحيض الثلاثة الأُولى ، وتعرّض لعين هذه المسألة سابقاً عند تعرّضه لأحكام المضطربة والمبتدئة وأنّهما ترجعان إلى التمييز بالصفات وذكر أنّ الرّجوع إلى الصفات مشروط بأمرين :
أحدهما : أن لا يقلّ الدم عن ثلاثة أيّام ولا يزيد على العشرة.
وثانيهما : أن لا يعارضه دم آخر واجد للصفات ، ومثّل له بما إذا رأت الدم خمسة أيّام أسود وخمسة أيّام أصفر وخمسة أيّام أسود ، فإنّ الرّجوع إلى الصفات في إحدى الخمستين معارض بالأُخرى ولا يمكن جعلهما معاً حيضاً ، ومعه تكون المرأة فاقدة للصفات ، ولم يحكم بجعل الخمسة الأُولى حيضاً ، لعدم كون الأسبقيّة في الوجود مرجحة.
وأمّا في المقام فقد ذكر أنّها تجعل الثّلاثة الأُولى حيضاً ، وذكرنا أنّ هذا بظاهره ينافي ما تقدّم منه قدسسره كما نقلناه.
ولكن الصحيح عدم التنافي بينهما ، وذلك لأنّ المرأة في كلتا المسألتين لا تتمكّن من الرّجوع إلى الصفات للمعارضة ، فلا بدّ من أن ترجع إلى أقاربها أو إلى العدد مخيّرة عنده بين الثّلاث والست والسبع ، وعلى كلا التقديرين لا بدّ من جعل العدد في أوّل ما تراه من الدم احتياطاً لزوميّا عنده ، بلا فرق في ذلك بين العدد المتخذ من الأقارب والعدد المتّخذ من الرّوايات ، ومعه لا بدّ للمرأة من جعل ثلاثة أيّام من أوّل رؤيتها الدم حيضاً في كلتا المسألتين ، لأنّها إن رجعت إلى أقاربها فلا يحتمل أن تكون
__________________
(١) حكم به في المسألة [٧٣٠].