الله ، أفما يخاف من يصلّي من غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفاً! » (١) ، حيث دلّت على أنّ الصّلاة من غير طهارة من دون أن يقصد بها القربة موجبة للعذاب والعقاب ولا يكون ذلك إلاّ في ارتكاب أمر محرم بالذات.
ويرد على الاستدلال بها : أنّ هذه الرّواية لا تقاوم التسالم في المسألة ، لأنّها ضعيفة السند حيث لم تثبت وثاقة مسعدة بن صدقة (٢) ، فلا يمكن الاعتماد على هذه الرّواية بوجه.
على أنّا لا نحتمل حرمة الإتيان بذات الصّلاة من الرّكوع والسّجود وغيرهما لا بعنوان العبادة بحيث لو أرادت الحائض أن تعلّم الجاهل الصّلاة ارتكبت محرماً ، أو أنّ الحائض إذا أمسكت عن الطعام لعدم اشتهائها لا للعبادة كان محرماً ، فإنّه ممّا لم يقم عليه دليل.
ومعه ماذا كان يمنع الشيعي أن يدخل معهم في الصّلاة من غير وضوء من دون أن يقصد بها القربة ، فإنّه ممّا لا حرمة فيه ولا يكون مثله موجباً للعقوبة المذكورة بوجه فلو لم يتمكن إلاّ من الصّلاة معهم بقصد العبادة فهي أيضاً لا يحتمل حرمتها ، لأنّ الاضطرار والتقيّة يرفعان الحرمة لا محالة.
فهذه الرّواية لو كانت سليمة السند لم يمكن الاعتماد عليها فضلاً عمّا إذا كان سندها مورداً للمناقشة كما عرفت ، فمحل الكلام في المقام إنّما هو العبادة الصادرة من الحائض قبل انقطاع دمها.
الجهة الثّانية : أنّ الحائض تارة تأتي بالعبادة بقصد أمرها الجزمي ، فتصلِّي أو تصوم قاصداً بها امتثال الأمر المتعلّق بهما جزماً ، وهذا لا شبهة في حرمتها التشريعيّة ، لأنّ الله تعالى لم يأذن لها بذلك ، إذ لا أمر للحائض بالعبادة فتكون داخلة في قوله تعالى ( ... قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (٣) ، فإذا قلنا بحرمة عبادات الحائض
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٦٧ / أبواب الوضوء ب ٢ ح ١.
(٢) وقد فصّل فيه في المعجم ١٩ : ١٤٨ / الرقم [١٢٣٠٤].
(٣) يونس ١٠ : ٥٩.