ومنها : عدم جواز اجتيازها عن المسجدين ، وهذا أيضاً قدّمنا الكلام فيه (١) وقلنا إنّ الحكم في الجنب منصوص ولم يرد في حقّ الحائض منع عن ذلك ، بل مقتضى إطلاق الصحيحة المتقدّمة جواز مرورها على المسجدين أيضاً ، نعم هناك روايتان ربما يستدلّ بهما على إلحاق الحائض بالجنب من هذه الناحية :
إحداهما : ما ورد من أنّ المرأة إذا حاضت في المسجدين وجب عليها أن تتيمم وتخرج (٢) ، بدعوى أنّ الاجتياز عنهما لو كان جائزاً في حقّها كما في سائر المساجد لم تكن حاجة إلى التيمم بوجه ، ومنها يستكشف أنّ كونها في المسجدين مبغوض سواء كان على نحو المرور أم كان على نحو المكث فيهما.
ويدفعه : أنّ الرّواية ضعيفة لأنّها مرفوعة ، ومن ثمة استشكلنا في مشروعيّة التيمم في حقّها ، ولا سيما إذا كان مستلزماً لمكثها في المسجدين زائداً على المدّة الّتي تبقى فيهما لولا تيممها.
وثانيتهما : ما ورد من أنّ الجنب والحائض لا يقربان المسجدين (٣) ، ودلالته وإن كانت ظاهرة إلاّ أنّها ضعيفة السند بنوح بن شعيب كما مرّ.
نعم ، يمكن الاستدلال على ذلك بما يستفاد من صحيحة محمّد بن مسلم وزرارة المتقدِّمة ، حيث إنّ السؤال فيها إنّما هو عن حكم الجنب والحائض وأنّهما يدخلان المساجد أو لا يدخلان فيها ، وحكم عليهالسلام بعدم جواز دخولهما فيها إلاّ على نحو الاجتياز ، وعلّله بقوله سبحانه ( ... وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ ... ) (٤) ، وهذا يدلّنا على وحدة حكم الجنب والحائض ، وإلاّ لم يكن وجه للاستدلال بالآية على حكم الحائض لاختصاصها بالجنب.
فبهذا أو بالتسالم في المسألة يمكن القول بأنّ الحائض كالجنب لا يجوز لها الاجتياز
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٣٤٣.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٠٥ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٣.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٠٥ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ١٧.
(٤) النِّساء ٤ : ٤٣.