الجزء الأخير أو لا تجري القاعدة؟
قد يقال بجريان قاعدة الفراغ نظراً إلى أنّ المضي المعتبر في جريان القاعدة ليس هو المضي الحقيقي ، وإلاّ لم يعقل الشكّ في صحّة العمل وفساده ، للعلم بمضيّه وتحقّقه فالمراد بالمضي هو المضي البنائي والاعتقادي ، وهو متحقّق في المقام ، لأنّه اعتقد وبنى على إتمام العمل ، ومن هنا اشتغل بشيء من الأفعال الأُخر وإن شكّ بعد ذلك في صحّة اعتقاده وعدمه ، فلا مانع من إجراء قاعدة الفراغ في المقام.
ويدفعه : أنّ المعتبر في جريان القاعدة هو المضي الحقيقي على ما اشتملت عليه أخبارها ، وحمله على المضي بحسب البناء والخيال يحتاج إلى مئونة زائدة ولا دليل عليه ، ودعوى أنّه مع اعتبار المضي الحقيقي لا مجال للشكّ في صحّة العمل وفساده إنّما يتمّ إذا اعتبر في جريان القاعدة مضي العمل الصّحيح ، وأمّا إذا اعتبر مضي الجامع بين الصّحيح والفاسد لا تتوجّه عليه هذه المناقشة ، لأنّه ممّا يمكن إحرازه مع الشكّ في صحّة العمل ، فكلّ ما أحرزنا مضي الجامع بين صحيح العمل وفاسده يحكم بصحّته ، وهذا كما إذا شككنا بعد الإتيان بالجزء الأخير في صحّة العمل وفساده من جهة الشك في أنّه أتى بأحد أجزائه أو شرائطه غير الجزء الأخير ، أو من جهة الشكّ في الجزء الأخير أيضاً فيما إذا أخل بالموالاة ، لعلمه حينئذ بمضي العمل المحتمل صحّته وفساده فيحكم بصحّته ، وأمّا في المقام الّذي يشكّ فيه في الجزء الأخير من دون أن يعتبر فيه الموالاة ، لعدم اعتبارها في الغسل فلا يحرز مضي الجامع بين الصّحيح والفاسد ، إذ يحتمل أن يكون بعد في أثناء العمل ، لاحتمال أنّه لم يأت بعد بالجزء الأخير ، ولم تعتبر فيه الموالاة حتّى يقطع بمضيه عند فوات الموالاة.
فتحصل أنّ المورد ليس من موارد قاعدة الفراغ ، كما أنّه ليس من موارد قاعدة التّجاوز ، كما إذا كانت عادته جارية على عدم الاشتغال بشيء من الأفعال الأُخر قبل إتمام غسله ، بأن اعتاد الموالاة في غسله ، فإنه إذا رأى نفسه مشتغلاً بشيء من الكتابة والمطالعة فلا محالة يعلم بتجاوز المحل العادي للجزء الأخير ، لأنّ محله إنّما هو قبل الشّروع في بقيّة الأفعال وقبل فوات الموالاة.