وقد يتوهّم : أنّ الأمر بإعادة الغسل على تقدير عدم البول قبل الاغتسال وخروج البلل المشتبه بعده كما في صحيحة الحلبي (١) وموثقة سماعة (٢) وغيرهما (٣) بل وكذا في صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة حيث دلّت على أنّه إذا بال قبل أن يغتسل لا يعيد غسله يدل على بطلان الغسل الواقع من غير بول ، إذ لو كان الغسل قبل أن يبول صحيحاً وكانت الرطوبة المشتبهة جنابة جديدة لم يصح التعبير بإعادة الغسل حينئذ لأنّ السبب الجديد يستدعي الإتيان بالعمل ابتداء ، ولا يصح أن يقال إنّه يوجب إعادة العمل. مثلاً زوال الشّمس سبب في الأمر بصلاة الظّهر ، فلا يصح معه أن يقال إذا زالت الشّمس أعد صلاة الظّهر ، لأنّها حينئذ ليست إعادة للمأتي به ، بل هو مأمور به بالأمر الثّاني مستقلا ابتدائيّاً ، فالأمر بالإعادة يكشف عن عدم كون البلل المشتبه الخارج بعد الغسل وقبل البول سبباً جديداً ، وإنما هو كاشف عن فساد الغسل الواقع قبل البول.
ويدفعه : أنّ الكبرى المشار إليها وإن كانت صحيحة ، فإنّ السبب الجديد يستدعي إيجاد المأمور به ابتداء ، لا أنّه يوجب إعادته ، فالتعبير بالإعادة غير صحيح عند حدوثه ، إلاّ أنّ تلك الكبرى غير منطبقة على المقام ، حيث إنّ الغسل ليس واجباً نفسيّاً ، وإنّما هو شرط مقارن للصلاة ، وإنّما يؤتى به قبلها من جهة عدم تمكّن المكلّف من أن يأتي به مقارناً للمأمور به ، فإذا أتى به قبل الصّلاة فإنّما يأتيه بداعي أن يصلِّي مع الطّهارة ، فإذا اغتسل ولم يحصل به غرضه الدّاعي إلى إتيانه ، أي لم يأت بالصلاة بعده لتخلّل جنابة جديدة بينهما واحتاج إلى إتيان الغسل ثانياً تحصيلاً لثمرته وغرضه صحّ أن يقال أعد غسلك ، لا لأنّ الغسل الواقع قبل الجنابة وقع باطلاً ، بل لأنّه لم يحصل غرضه ولم يترتّب عليه ثمرته وكان في حكم الفاسد من حيث عدم إمكان الإتيان بالصلاة معه.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٥٠ / أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١ ، ٥.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٥١ / أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٨.
(٣) كموثقة سليمان بن خالد ورواية معاوية بن ميسرة ، نفس المصدر ح ١٠ ، ٩.