والّذي يدلّنا على ذلك الأخبار المستفيضة الآمرة بإعادة الوضوء إذا غلب النوم العقل أو تحقّق بعده غيره من نواقض الوضوء (١) وما ورد من أنّ الوضوء لا يعاد من الرعاف ونحوه (٢) ، إذ لا يتوهّم أنّ عدم النوم شرط في صحّة الوضوء ، فالأمر بإعادته حينئذ ليس بكاشف عن وقوعه فاسداً ، وإنّما هو من جهة عدم ترتب الغرض المقصود منه عليه ، فكان الإتيان به صحيحاً كالإتيان به فاسداً من حيث عدم ترتب الواجب عليه فليراجع. فالصحيح عدم دلالة شيء من ذلك على اشتراط الغسل بالبول قبله.
نعم ، موثقة أحمد بن هلال كالصريح في الاشتراط حيث قال « سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول ، فكتب : إنّ الغسل بعد البول إلاّ أن يكون ناسياً فلا يعيد منه الغسل » (٣) ، لأنّ قوله « إنّ الغسل بعد البول » كالصريح في أنّه إذا وقع قبل البول فسد.
إلاّ أنّها ضعيفة الدلالة على المدّعى ، وذلك لعدم تعرّضها لخروج البلل المشتبه بعد الغسل ، وبطلان الغسل قبل البول إذا لم يخرج منه البلل المشتبه ممّا لا يلتزمون به فإنّما يقول من قال به على نحو الشرط المتأخّر ، وأنّه إذا خرجت منه الرّطوبة المشتبهة يكشف ذلك عن عدم صحّة الغسل الواقع قبل البول ، وأمّا إذا اغتسل ولم يبل ولم يخرج منه بلل بعد ذلك فلا يحكمون ببطلان غسله بوجه.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٨ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٩ ، ب ٣ ح ٢ ، ب ٥ ح ٥ ، ب ٧ ح ٩ ، ب ٩ ح ٩ ، ١٠.
(٢) الوسائل ١ : ٢٦٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ٧ ح ٥ و ٨ و ١١ ، ب ٧ ح ٩ ، ب ٦ ح ١ ، ب ٩ ح ٨ ، ب ١٠ ح ٢ ، ب ١٤ ح ١ ، ب ١٦ ح ٣.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٥٢ / أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١٢.