وأمّا إذا أحدث بعد صلاته بالحدث الأصغر فله صور.
صور ما إذا شكّ في الاغتسال وقد أحدث بالأصغر
الصّورة الاولى : أن تكون الصّلاتان مترتّبتين ، كما في صلاتي الظّهر والعصر والمغرب والعشاء ، فلا يجوز في مثلهما الدّخول في الثّانية بالغسل بعد أُولاهما ، وذلك للعلم الإجمالي بأنّه إمّا مكلّف بالغسل لو كان لم يغتسل قبل صلاة الظّهر ووقعت هي مع الجنابة ، وإمّا إنّه مكلّف بالوضوء كما إذا كان اغتسل من الجنابة قبل صلاة الظّهر.
كما أنّ له علماً إجمالياً ثانياً وهو أنّه إمّا أن تجب عليه إعادة ما أتى به من الصّلاة كما لو كان لم يغتسل من الجنابة قبل الظّهر ، وإمّا أن يجب عليه الوضوء لصلاته الآتية كما إذا كان قد اغتسل منها قبله إلاّ أنّه لمّا أحدث بالأصغر فقد وجب عليه الوضوء لصلاة العصر مثلاً ، فالوضوء طرف لعلمين إجماليين ، فإذا صلّى العصر بالاغتسال من دون الوضوء فيحصل العلم التفصيلي ببطلانها ، وذلك للقطع بفقدان شرطها ، لأنّه إمّا أن كان اغتسل من الجنابة قبل الظّهر فهو محدث بالأصغر وقد صلّى العصر من غير وضوء ، وإمّا أنّه لم يغتسل منها قبل الظّهر فهو وإن كان مكلّفاً بالغسل حينئذ وغسله صحيح ، إلاّ أنّ صلاته عصراً باطلة ، لبطلان الظّهر وترتبها عليها لوقوعها مع الجنابة على الفرض.
فالجمع بين قاعدة الفراغ في الظّهر واستصحاب بقاء الجنابة إلى صلاة العصر أعني الحكم بصحّة الظّهر بقاعدة الفراغ وصحّة العصر بغسل الجنابة غير ممكن ، لأنّه على خلاف القطع الوجداني ، ومعه يجب الجمع بين الغسل والوضوء بالإضافة إلى صلاة العصر ، عملاً بالعلم الإجمالي بوجوب أحدهما. وأمّا العلم الإجمالي الثّاني أعني وجوب إعادة الظّهر أو الوضوء لصلاة العصر فهو ليس علماً إجمالياً على حدته ، وإنّما هو لازم للعلم الإجمالي بوجوب الغسل أو الوضوء ، لأنّه لو كان مكلّفاً بالغسل لا محالة تجب عليه إعادة الظّهر. نعم ، لا مناص من إعادة صلاة الظّهر أيضاً لا لذلك العلم الإجمالي ، بل لأنّ الموجب للحكم بصحّتها إنّما هو قاعدة الفراغ ، فإذا لم تجر