القاعدة لمعارضتها باستصحاب بقاء الجنابة من جهة أنّهما على خلاف القطع الوجداني لم يبق هناك ما يوجب صحّتها ، فلا بدّ حينئذ من إعادة الظّهر والجمع بين الغسل والوضوء.
الصّورة الثّانية : أن تكون الصّلاتان غير مترتّبتين ، كما إذا أتى بصلاة قضاء ثمّ شكّ في أنّه اغتسل عن الجنابة قبلها أم لم يغتسل وأراد بعدها أن يدخل في صلاة الظّهر مثلاً ، والكلام فيها هو الكلام في سابقتها ، ولا فرق بينهما إلاّ في أنّ هذه الصّورة لا يحصل فيها العلم التفصيلي ببطلان الصّلاة الثّانية ، بل يعلم إجمالاً بأنّه بعد صلاة القضاء إمّا مكلّف بالغسل وإمّا مكلّف بالوضوء ، ويلزمه العلم إجمالاً ببطلان ما أتى به ووجوب إعادته أو بوجوب الوضوء ، فلا بدّ من الجمع بينهما كما لا بدّ من إعادة ما أتى به ، لعدم جريان قاعدة الفراغ فيها للعلم الإجمالي.
الصّورة الثّالثة : أن يكون شكّه هذا بعد انقضاء وقت الصّلاة الّتي أتى بها ، كما إذا أتى بصلاة العصر ولما خرج وقتها وأراد الدّخول في صلاة المغرب شكّ في أنّه هل اغتسل من الجنابة قبل العصر أم لم يغتسل ، وفي هذه الصّورة أيضاً يجب عليه الجمع بين الغسل والوضوء ، وذلك للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما في حقّه ، وأيضاً تتعارض فيها قاعدة الفراغ في الصّلاة السابقة مع استصحاب بقاء الجنابة إلى الصّلاة الثّانية ، للعلم بأنّه إمّا كان في حال الصّلاة الأُولى جنباً فالاستصحاب مطابق للواقع وقاعدة الفراغ على خلاف الواقع ، وإمّا إنّه قد اغتسل عنها قبل تلك الصّلاة فالقاعدة مطابقة للواقع والاستصحاب على خلاف الواقع ، إلاّ أنّه لا يجب عليه قضاء تلك الصّلاة ، وذلك للقطع بسقوط أمرها إمّا لامتثاله كما إذا كان اغتسل عن الجنابة قبلها وإمّا لتعذر امتثاله لخروج وقتها. والقضاء لو ثبت فإنّما هو بأمر جديد ، وموضوعه فوت الواجب في وقته ، وهو غير محرز في المقام لاحتمال أنّه قد اغتسل من الجنابة قبل تلك الصّلاة ، ومع عدم إحراز موضوع الأمر بالقضاء أصالة البراءة العقليّة محكّمة ، لقبح العقاب من دون بيان ، وهو قاعدة عقليّة غير قابلة للتخصيص ، فالقضاء غير واجب حينئذ ، نعم لا بدّ من أن يجمع بين الغسل والوضوء بمقتضى العلم الإجمالي كما مرّ.