والمشهور بينهم عدم الالتزام بهذين الشرطين ، ولعلّ الوجه في ذلك أنّ مقتضى المناسبة بين الحكم وموضوعه أنّ الشرط الأوّل في الصحيحة لم يكن مسوقاً لبيان حرمة الوطء من غير الشبق ، وإنّما سيقت لبيان ما يرتفع به الحزازة والكراهة في وطء الحائض قبل الاغتسال.
وتلك المناسبة هي العلم بأنّ المحرمات الإلهيّة لا تناط بعدم الشبق بحيث ترتفع الحرمة بالشبق الّذي هو شدّة الميل إلى الجماع لا الاضطرار إليه بقرينة قوله عليهالسلام « ثمّ يمسّها إن شاء ». نعم لا بأس بارتفاع الحرمة بالحرج أو الخوف على النّفس ، كما ورد في بعض الرّوايات (١) من أنّه إذا خاف على نفسه لا بأس أن يأتي زوجته ، وأمّا مجرّد شدّة الميل فهو ممّا لا ترتفع به الحرمة شرعاً ، ومنه يظهر أن وطء الحائض بعد الانقطاع وقبل الاغتسال غير محرم مطلقاً ، نعم هو مكروه وترتفع الكراهة بالشبق إلى الجماع.
وكذلك الحال بالنسبة إلى الأمر بغسل الفرج ، فإنّ المناسبة المركوزة بين الحكم وموضوعه تقتضي أن يكون الأمر بغسل الفرج لأجل التنظيف المرغوب فيه للشريعة المقدّسة لا أنّ الحرمة ترتفع به ، لكن مع ذلك يشكل رفع اليد عن ظاهر الأمر بغسل الفرج لتلك المناسبة ، ومن هنا الاحتياط الوجوبي في غسل الفرج قبل الوطء في محلّه بخلاف الشبق.
ويمكن الاستدلال على جواز وطء الحائض بعد الانقطاع قبل الاغتسال حتّى مع عدم الشبق في الزوج بالسيرة القطعيّة الجارية بين المتشرّعة ، حيث إن أغلب النِّساء من المماليك والزّوجات لم يكن يغتسلن بعد حيضهنّ في تلك الأعصار لكونهنّ كافرات أو من أهل الخلاف الّذين لا يصحّ منهم الاغتسال أو لا يغتسلن للتسامح والتساهل في الدِّين ، ومع ذلك كان أصحاب الأئمّة عليهمالسلام والمسلمون الآخرون يباشرون زوجاتهم وإمائهم بعد انقطاع حيضهنّ ، ولم يرد ردع عنه في الرّوايات لتدلّ على عدم جواز مقاربتهم لزوجاتهم أو مملوكاتهم لبطلان غسلهنّ أو عدمه ، فلو كان وطء الزّوجة
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٢٥ / أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٢. وهي موثقة إسحاق بن عمّار.