على أنّ ( ... حَتّى يَطْهُرْنَ ... ) لم يثبت كونها مخففة وإن قرأها القراء السبعة مخففة إلاّ أنّه يحتمل تشديدها ، ومع احتمال التشديد والتخفيف وإجمال الآية لا يمكن الاستدلال بها بوجه. بل لا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن من مدلولها ، وهو حرمة الوطء ما دام المرأة ذات الدم ، وأمّا حرمته بعد انقطاعه فهي مشكوكة يرجع فيها إلى مقتضى الإطلاقات والعمومات الّتي تقتضي الجواز في جميع الأوقات كما مرّ.
المخصّص من السنّة
وأمّا المخصّص من السنّة فالأخبار الواردة (١) في حرمة وطء الحائض قبل الاغتسال كلّها ضعيفة السند ، لأنّها مضافاً إلى اشتمال أسنادها على من لم تثبت وثاقته مرويّة في تهذيب الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن بن فَضّال ، وقد بيّنا أنّ طريق الشيخ إلى ابن فَضّال ضعيف لا يعتمد عليه (٢) ، هذا.
على أنّها مع الغضّ عن ضعف أسنادها قاصرة الدلالة على المدّعى ، لأنّها معارضة بما دلّ على جواز وطء الحائض بعد انقطاع دمها وقبل الاغتسال صريحاً (٣) ومع التعارض لا بدّ من الجمع بينهما بحمل الناهية على الكراهة.
نعم ، ورد في صحيحة محمّد بن مسلم الّتي هي من الأخبار الدالّة على الجواز أنّه « إذا أصاب زوجها شَبَق فليأمرها فلتغسل فرجها ، ثمّ يمسّها إن شاء قبل أن تغتسل » (٤) والشبق هو شدّة الميل إلى الجماع ، وقد دلّت على جواز وطء الحائض بعد الانقطاع وقبل الاغتسال مشروطاً بشرطين : أحدهما أن يصيب زوجها الشبق ، فلا يجوز من دون كونه شَبِقاً ، ثانيهما أن تغسل فرجها ، فلا يجوز الوطء من غير أن تغسل فرجها.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٢٦ / أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٦ و ٧.
(٢) وقد قدّمنا أن سيِّدنا الأُستاذ ( دام ظلّه ) عدل عن ذلك ، فليراجع الصفحة ٧٠.
(٣) الوسائل ٢ : ٣٢٥ / أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٣ و ٤ و ٥.
(٤) الوسائل ٢ : ٣٢٤ / أبواب الحيض ب ٢٧ ح ١.