الكلام ، لأنّ البحث فيما إذا أتى بفرد من الأغسال ناوياً عدم ارتفاع غيره به ، وأمّا إسناد عدم الرّفع إلى الشّارع فهو أمر آخر.
وأمّا إذا قلنا بأن الأغسال طبائع مختلفة بحسب حكم الشّارع واعتباره وإن كنّا لو خلّينا وأنفسنا لحكمنا بوحدة طبائعها ، لأنّ الغسل والماء في جميعها واحد ، كما أنّ الكيفيّة كذلك لأنّه إمّا على نحو الارتماس وإمّا على نحو الترتيب ، كما هو الحال في صلاتي الظّهر والعصر أو القضاء والأداء ، لأنّهما طبيعة واحدة ولا اختلاف بينهما بوجه ، إلاّ أنّ قوله عليهالسلام « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » (١) يدلّنا على تعدّد طبيعة الظّهر والعصر عند الشّارع وأنّ المشار إليه بكلمة هذه الاولى غير المشار إليه بكلمة هذه الثّانية ، وإلاّ لا معنى للإشارة بهما ، كما استفدنا تعدّد الطّبيعة في القضاء والأداء من استحباب تقديم القضاء على الأداء أو وجوبه ، وأنّه لو تذكر في أثناء الأداء أنّ عليه قضاء يعدل إلى القضاء ، لأنّه يدل على أنّهما طبيعتان ، وإلاّ لا
معنى لتقديم الشيء على نفسه استحباباً أو وجوباً. وفي المقام أيضاً استفدنا تعدّد الطّبائع من قوله عليهالسلام « إذا اجتمعت عليك حقوق » (٢) ، ولا يعبر عن الحقيقة الواحدة بالحقوق كما هو ظاهر فأيضاً إذا أتى بطبيعة من تلك الطّبائع قاصداً به القربة على أحد النحوين المتقدّمين فلا وجه للحكم ببطلانه ، وحيث إنّ الشّارع حكم بإغناء ذلك عن بقيّة الطبائع فيحكم بسقوط الجميع ، لأنّه حكم شرعي وغير موكول إلى اختيار المكلّف حتّى يقصد عدم سقوط البقيّة.
اللهمّ إلاّ أن يشرع في عمله بأن يقصد فرداً من الطّبيعة الّتي حكم الشّارع بعدم إغنائها عن بقيّة الأغسال ، لأنّه موجب للحكم ببطلان غسله من جهة التّشريع ، إلاّ أنّه خارج عن مورد الكلام ولا يوجب الحكم بالبطلان عند ما إذا أتى بها جاهلاً بالتداخل أو معتقداً عدم التداخل شرعاً.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٢٦ و ١٣٠ / أبواب المواقيت ب ٤ ح ٥ و ٢٠ و ٢١ و ٢٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٦١ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ١.