ولعلّ المحقِّق قدسسره نظر إلى تلك الرّوايات حيث نسب عدم جواز اجتماع الحيض مع الحبل إلى أشهر الرّوايات على ما قدّمنا الإشارة إليه آنفاً.
والجواب عن ذلك : النقض بأن الحمل إذا قلنا بعدم اجتماعه مع الحيض فما فائدة وجوب الاعتداد على المطلقة وغيرها ثلاثة قروء ، لأنّ الحيضة الواحدة تكشف عن عدم حملها لا محالة ، فلا حاجة ولا ثمرة في ضمّ حيضتين أخيرتين إليها.
وحلّه : أنّ العدّة ثلاثة قروء والاستبراء بحيضة واحدة حكم تعبّدي ، واستكشاف نقاء الرّحم بذلك من قبيل الحكمة ومن أحد فوائدها ، لا أنّه علّة للحكم ، وقد تتخلّف الحكمة عن الحكم.
والوجه في اكتفاء الشّارع بحيضة واحدة هو الغلبة حيث إنّ الغالب عدم اجتماع الحمل مع الحيض ، ومعه يكون الحيض أمارة ظنيّة على النقاء وعدم الولد ، والشارع اكتفى بالأمارة الظنيّة ، كما هو الحال في بقيّة الأمارات كالبيّنة ، لأنّها غالبة المصادفة مع الواقع وقد تخطئ وتشتبه.
ولا تتوهّم أنّه لا حاجة إلى جعل الأمارة الظنيّة في المقام ، لإمكان كون الحيضة أمارة قطعيّة على عدم الحمل ، وذلك كما إذا بنينا على عدم اجتماع الحيض مع الحمل.
والوجه في عدم صحّة هذا التوهّم أنّ النتيجة تابعة لأخس المقدّمتين ، فهب أنّا بنينا على عدم اجتماع الحيض مع الحمل وقطعنا في المقام بأن الحيضة لا تجتمع مع الحبل ، إلاّ أنّ هذه كبرى القياس ، وصغراها أنّ ما رأته المرأة حيض ، وهذا أمر غير مقطوع به ، لأنّا إنّما نستكشف دم الحيض بالصفات والأمارات ككونه في أيّام عادتها وهي أمارات ظنيّة ومعه تكون النتيجة ظنيّة لا محالة.
ومنها : ما استدلّ به الحلّي قدسسره ثانياً من أنّ طلاق الحبلى جائز للأخبار لأنّها من الخمس الّتي يجوز طلاقها على كلّ حال (١) ، وطلاق الحائض غير جائز للنصوص ، ونتيجة هذين الأمرين أنّ الحيض لا يجتمع مع الحمل. إذ يقال حينئذ إنّ
__________________
(١) الوسائل ٢٢ : ٥٩ / أبواب مقدّمات الطلاق وشرائطه ب ٢٧ ح ٣.