والجواب عنها أنّ الدفقة والدفقتين لا تحسب حيضاً حتّى في غير الحبلى لأنّ أقلّه ثلاثة أيّام ، ويدلّ على ذلك أنّ هذا الراوي بعينه ، يعني حُميد بن المثنّى المكنّى بأبي المَغراء ، روى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « سألته عن الحبلى قد استبان ذلك منها ترى كما ترى الحائض من الدّم ، قال : تلك الهراقة إن كان دماً كثيراً فلا تصلِّين وإن كان قليلاً فلتغتسل عند كلّ صلاتين » (١). حيث فصّلت بين القليل والكثير ونفت كونه حيضاً عند قلّته ، وهذا لا ينافي كونه حيضاً فيما إذا كان بصفة الحيض من حيث المدّة وسائر الشرائط ، كما دلّت عليه تلك الرّواية.
فتحصل أنّ هذه الأخبار لا يمكن الاستدلال بها على عدم اجتماع الحيض مع الحمل.
سائر الوجوه المستدلّ بها على عدم الاجتماع
وأمّا غير الأخبار من الوجوه الّتي استدل بها على عدم جواز اجتماعها.
فمنها : ما استدلّ به الحلّي قدسسره (٢) من أنّ الأخبار قد استفاضت بل تواترت على وجوب استبراء الأمة بحيضة واحدة ، كما في الجواري المسبيّة والأمة المشتراة أو المحلّلة أو المنتقلة إلى شخص آخر بغير البيع كالإرث ونحوه (٣) بل المرأة المزني بها ولو كانت حرّة حيث تستبرأ بحيضة واحدة إذا عقد عليها أحد (٤).
ولا يبعد تواتر تلك الرّوايات ولو على نحو الإجمال ، فلو أمكن اجتماع الحمل مع الحيض لم يكن أيّ وجه وفائدة للاستبراء بحيضة واحدة ، إذ لا يستكشف بها نقاء رحمها ، لاحتمال أن تكون حبلى كما هو الحال قبل استبرائها.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٣١ / أبواب الحيض ب ٣٠ ح ٥.
(٢) السرائر ١ : ١٥٠.
(٣) الوسائل ٢١ : ٨٣ و ٩٥ / أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٣ و ١٠ و ١٧ و ١٨.
(٤) الوسائل ٢٠ : ٤٣٤ / أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ١١ ح ٤ ، ٢٢ : ٢٦٥ / أبواب العدد ب ٤٤.