مطابقاً لذات الواجب ومحصّلاً لغرضه ، إلاّ أنّه لا يقع مصداقاً للواجب بما هو واجب ، بل يستحيل أن يتعلق الوجوب بمثله فكيف يكون مصداقاً له ، وعلى ذلك فالواجب بحكم العقل بما أنّه عنوان المقدمة لا ذاتها ، فمن الطبيعي أنّ المكلف إذا أتى بها بداعي المقدمية والتوصل فقد تحقق ما هو مصداق للواجب خارجاً بما هو واجب ، وإن لم يأت بها كذلك لم يتحقق ما هو مصداق للواجب كذلك وإن تحقق ما هو محصّل لغرضه. فالنتيجة على ضوء هذين الأمرين : أنّ الواجب هو المقدمة بعنوان التوصل لا ذاتها ، فإذن تمّ ما أفاده شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره.
ولنأخذ بالنقد على كلا الأمرين :
أمّا الأمر الأوّل : فلأنّ ما أفاده قدسسره من أنّ الجهات التعليلية في الأحكام العقلية ترجع إلى الجهات التقييدية ، وإن كان في نهاية الصحة والمتانة ، إلاّ أنّه أجنبي عن محلّ الكلام في المقام ، وذلك لما تقدّم في أوّل البحث من أنّ وجوب المقدمة عقلاً بمعنى اللاّ بدية خارج عن مورد النزاع وغير قابل للانكار ، وإنّما النزاع في وجوبها شرعاً الكاشف عنه العقل ، وكم فرق بين الحكم الشرعي الذي كشف عنه العقل والحكم العقلي ، وقد عرفت أنّ الجهات التعليلية في الأحكام الشرعية لا ترجع إلى الجهات التقييدية ، فما أفاده قدسسره لا ينطبق على محلّ النزاع.
وأمّا الأمر الثاني : فلأنّ ما أفاده قدسسره إنّما يتم فيما إذا كانت القدرة مأخوذة شرعاً في المأمور به وواردة في لسان الخطاب به ، وذلك كآية الحج بناءً على تفسير الاستطاعة بالقدرة كما قيل ، وآية التيمم بناءً على أن يكون المراد من الوجدان فيها القدرة على الاستعمال شرعاً ، لا عدم الوجود بقرينة ذكر المريض فيها ، والسبب في هذا هو أنّه لا يمكن كشف الملاك في أمثال هذه