البحث عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدماته هي وجوب المقدمة شرعاً بناءً على الثبوت بعد ضم هذه الكبرى إلى صغرياتها.
وفيه : أنّ هذه النتيجة وإن ترتبت على هذه المسألة بناءً على ثبوت الملازمة بينهما ، إلاّ أنّها لا تصلح أن تكون ثمرة فقهية للمسألة الاصولية ، وذلك لعدم ترتب أثر عملي عليها أصلاً بعد حكم العقل بلابدّية الاتيان بالمقدمة. ومن هنا سنقول إنّ حكم الشارع بوجوب المقدمة لغو محض.
الثمرة الثالثة : أنّ المقدمة إذا كانت عبادة فعلى القول بوجوبها أمكن الاتيان بها بقصد التقرب. وأمّا على القول بعدم وجوبها فلا يمكن.
وفيه : أنّه قد تقدّم (١) أنّ عبادية المقدمة لا تتوقف على وجوبها ، فان منشأها كما عرفت أحد أمرين : إمّا الاتيان بها بقصد التوصل إلى الواجب النفسي وامتثال أمره. وإما الاتيان بها بداعي أمرها النفسي المتعلق بها كما في الطهارات الثلاث ، فالوجوب الغيري لا يكون منشأ لعباديتها أصلاً.
الثمرة الرابعة : بِرّ النذر بالاتيان بالمقدمة على القول بوجوبها فيما إذا تعلّق بفعل واجب ، وعدم حصول البِرّ به على القول بعدم وجوبها.
وغير خفي أمّا أوّلاً : أنّ مثل هذه الثمرة لا يوجب كون البحث عن وجوب المقدمة بحثاً اصولياً ، وذلك لأنّ المسألة الاصولية هي ما تقع في طريق استنباط الحكم الكلي الإلهي بعد ضم صغراها إليها بلا توسط مسألة اصولية اخرى كالقواعد التي يستنبط منها مثل وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، فانّ المترتب على مسألتنا هذه إنّما هو انطباق الحكم الشرعي الكلي المعلوم المستنبط من دليله على الاتيان بالمقدمة ، ومن الواضح
__________________
(١) في ص ٢٣٦.