كالطهارات الثلاث وبين غيرها من المقدمات ، فانّه لو كان هناك مانع من أخذ الاجرة عليها إنّما هو عباديتها ، سواء أكانت واجبة أم لم تكن ، فلا دخل لوجوبها بما هو وجوب في ذلك أبداً ، بل ربّما يكون الشيء غير واجب فمع ذلك لا يجوز أخذ الاجرة عليه كالأذان مثلاً. فالنتيجة : أنّه لا ملازمة بين وجوب شيء وعدم جواز أخذ الاجرة عليه أصلاً ، بل النسبة بينهما عموم من وجه.
ومن هنا يظهر أنّ ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من أنّ جواز أخذ الاجرة على المقدمة وعدم جوازه يدوران مدار جواز أخذها على ذي المقدمة وعدم جوازه ، خاطئ جداً ، ضرورة أنّ المقدمة ليست تابعة لذيها من هذه الناحية ، ولا دليل على هذه التبعية ، وإنّما كانت تبعيتها في الوجوب فحسب ، وبعد القول بوجوبها فهي واجبة مستقلة ، فجواز أخذ الاجرة عليها أو عدم جوازه يحتاج إلى دليل ، ولا صلة له بالجواز أو عدمه على الواجب النفسي أصلاً. على أنّ هذه الثمرة ليست ثمرة للمسألة الاصولية.
الثمرة السادسة : حصول الفسق بترك الواجب النفسي مع مقدماته الكثيرة على القول بوجوبها ، وعدم حصوله على القول بعدمه.
وفيه : مضافاً إلى أنّه لابدّ من فرض الكلام فيما إذا كان ترك الواجب النفسي من الصغائر دون الكبائر ، وإلاّ لكان تركه بنفسه موجباً لحصول الفسق من دون حاجة [ إلى ] ترك مقدماته ، أنّ هذه الثمرة تبتني على أمرين ، الأوّل : التفصيل بين المعاصي الكبيرة والصغيرة ، والالتزام بحصول الفسق في الاولى ، وعدم حصوله في الثانية إلاّفي فرض الاصرار عليها. الثاني : أن يكون الاصرار عبارة عن ارتكاب معاص عديدة ولو في زمن واحد ودفعة واحدة.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٥٧.