ولكنّ للمناقشة في كلا الأمرين مجالاً واسعاً.
أمّا الأوّل : فلما ذكرناه في محلّه من أنّه لا أساس لهذا التفصيل أصلاً ، وأ نّه لا فرق بين المعصية الكبيرة والصغيرة من هذه الناحية ، فكما أنّ الاولى توجب الفسق والخروج عن جادة الشرع يميناً وشمالاً ، فكذلك الثانية. وبكلمة اخرى :
قد ذكرنا غير مرّة أنّ الفسق عبارة عن خروج الشخص عن جادة الشرع يميناً وشمالاً ، ويقابله العدل فانّه عبارة عن الاستقامة في الجادة وعدم الخروج عنها كذلك ، ومن البديهي أنّ المعصية الصغيرة كالكبيرة توجب الفسق والخروج عن الجادة ، فإذن لاتترتب هذه الثمرة على القول بوجوب المقدمة أصلاً كما هو ظاهر.
وأمّا الثاني : فلأنّ الاصرار على المعصية عبارة عرفاً عن ارتكابها مرّة بعد اخرى ، وأمّا ارتكاب معاصي عديدة مرّة واحدة فلا يصدق عليه الاصرار يقيناً ، بداهة أنّ من نظر إلى جماعة من النِّساء الأجنبيات دفعة واحدة وإن كان يرتكب معاصي عديدة إلاّ أنّه لا يصدق على ذلك الاصرار ، وعليه فلا ثمرة. ولو تنزلنا عن جميع ذلك فأيضاً لا مجال لها ، لما قد عرفت من أنّه لا معصية في ترك المقدمة بما هو مقدمة وإن قلنا بوجوبها حتّى يحصل الاصرار على المعصية ، ضرورة أنّ المدار في حصول المعصية وهتك المولى إنّما هو بمخالفة الأمر النفسي ، فلا أثر لمخالفة الأمر الغيري بما هو أمر غيري أصلاً. أضف إلى ما ذكرناه : أنّ هذه الثمرة على تقدير تسليمها لا تصلح أن تكون ثمرة للمسألة الاصولية.
الثمرة السابعة : أنّ المقدمة إذا كانت محرّمة فعلى القول بوجوبها يلزم اجتماع الأمر والنهي دون القول بعدم الوجوب.
وقد أورد المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) على هذه الثمرة بامور
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٢٤.