كما أنّه لا فرق في الالتزام بالترتب بين أن تطول مدة المعصية وارتكاب المحرّم وأن تقصر ، وبين أن تكون المعاصي متعددة وأن تكون واحدة ، ضرورة أنّ كل ذلك لا دخل له فيما هو ملاك إمكان الترتب واستحالته ، فان ملاك إمكانه كما سبق هو أنّه لا يلزم من طلب المهم على تقدير عصيان الأمر بالأهم وترك متعلقه طلب الجمع ، ومن الواضح جداً أنّه لا يفرق في هذا بين العصيان الفعلي والعصيان التدريجي ، كما أنّ ملاك استحالته هو لزوم طلب الجمع من ذلك ، ولا يفرق فيه بين معصية واحدة فعلية ومعاصي عديدة تدريجية كما هو واضح.
ومثل المقام ما إذا وقعت المزاحمة بين الصلاة الفريضة في آخر الوقت وصلاة الآيات ، فانّ الأمر بصلاة الآيات حينئذ مترتب على عصيان الفريضة وتركها في مقدار من الزمان الذي يتمكن المكلف من الاتيان بصلاة الآيات ولا يكفي عصيانها في الآن الأوّل ، لفرض وجوبها في جميع آنات صلاة الآيات ، فالمكلف بعد عصيانها في الآن الأوّل وإن تمكن من جزء منها ، إلاّ أنّه لا يتمكن من بقية أجزائها ، ولكنّه حيث علم بأ نّه يعصي الأمر بالفريضة في الآن الثاني والثالث وهكذا ، علم بطروء التمكن عليه من الاتيان بها بعد الاتيان بالجزء الأوّل.
ومثله أيضاً ما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الازالة عن المسجد ووجوب الصلاة ، فانّ الأمر بالصلاة عندئذ منوط بعصيان الأمر بالازالة في الآنات التي يقدر المكلف فيها على الاتيان بالصلاة تماماً ، ولا يكفي عصيانها آناً ما ، ولكن المكلف حيث علم بعد عصيانه في الآن الأوّل بأ نّه يعصيه في الآن الثاني والثالث وهكذا ، علم بعروض التمكن من الاتيان بها تدريجاً ، وقد عرفت أنّ القدرة التدريجية كافية في مقام الامتثال ، ولا تعتبر القدرة الفعلية ، وعليه فلا مانع من الالتزام بوجوبها من ناحية الترتب ، بل لا مناص من ذلك.
وقد تبيّن لحدّ الآن : أنّ تدريجية وجود القدرة مرّة من ناحية تدريجية وجود