الاولى : أنّنا قد حققنا في محلّه (١) أنّه لا ملزم للالتزام بهذه المصلحة التي تسمّى بالمصلحة السلوكية لتصحيح اعتبار الأمارات وحجيتها ، والسبب في ذلك : هو أنّ اعتبار الأمارات من دون أن ترتب عليه مصلحة وإن كان لغواً ، فلا يمكن صدوره من الشارع الحكيم ، إلاّ أنّه يكفي في ذلك ترتب المصلحة التسهيلية عليه ، حيث إنّ تحصيل العلم الوجداني بكل حكم شرعي لكل واحد من المكلفين غير ممكن في زمان الحضور فضلاً عن زماننا هذا ، ولو أمكن هذا فبطبيعة الحال كان حرجياً لعامة المكلفين في عصر الحضور فما ظنك في هذا العصر. ومن الواضح أنّ هذا مناف لكون الشريعة الاسلامية شريعة سهلة وسمحة. وعلى هذا الضوء فلا بدّ للشارع من نصب الطرق المؤدية غالباً إلى الأحكام الواقعية وإن كان فيها ما يؤدي على خلاف الواقع أيضاً.
وبكلمة اخرى : أنّ المصلحة التسهيلية بالاضافة إلى عامة المكلفين تقتضي ذلك. نعم ، من كان مباشراً للإمام عليهالسلام كعائلته ومتعلقيه يمكن له تحصيل العلم في كل مسألة بالسؤال منه عليهالسلام وكيف كان ، فمع وجود هذه المصلحة لا مقتضي للالتزام بالمصلحة السلوكية أصلاً.
الثانية : أنّنا قد أثبتنا في الجهة الاولى أنّه لا موجب ولا مقتضي للالتزام بها أصلاً ، ولكنا نتكلم في هذه الجهة من ناحية اخرى وهي : أنّ في الالتزام بها محذوراً أو لا؟ فيه وجهان.
فذهب شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره (٢) وتبعه فيه شيخنا الاستاذ
__________________
(١) مصباح الاصول ١ : ١١٠ ـ ١١٣.
(٢) فرائد الاصول ١ : ٩١.