( قدسسره ) (١) إلى أنّه لا محذور في الالتزام بها أصلاً ، ولكن الصحيح هو أنّه لايمكن الالتزام بها ، وذلك لاستلزام القول بها التصويب وتبدل الحكم الواقعي ، والسبب فيه هو أنّنا إذا افترضنا قيام مصلحة في سلوك الأمارة التي توجب تدارك مصلحة الواقع ، فالايجاب الواقعي عندئذ تعييناً غير معقول ، كما إذا افترضنا أنّ القائم بمصلحة إيقاع صلاة الظهر مثلاً في وقتها أمران : أحدهما : الاتيان بها في الوقت. الثاني : سلوك الأمارة الدالة على وجوب صلاة الجمعة في تمام الوقت من دون كشف الخلاف فيه ، فعندئذ امتنع للشارع الحكيم تخصيص الوجوب الواقعي بخصوص صلاة الظهر ، لقبح الترجيح من دون مرجّح من ناحية ، وعدم الموجب له من ناحية اخرى ، بعد ما كان كل من الأمرين وافياً بغرض المولى ، فعندئذ لا مناص من الالتزام بكون الواجب الواقعي في حق من قامت عنده أمارة معتبرة على وجوب صلاة الجمعة مثلاً هو الجامع بينهما على نحو التخيير : إمّا الاتيان بصلاة الظهر في وقتها ، أو سلوك الأمارة المذكورة ، ومعه كيف يعقل أن يكون الحكم الواقعي مشتركاً بين العالم والجاهل ، فانّه بطبيعة الحال يكون تعيينياً في حقّ العالم ، وتخييرياً في حقّ الجاهل. وهذا خلاف الضرورة والاجماع وإطلاقات الأدلة التي مقتضاها عدم الفرق بينهما بالاضافة إلى الأحكام الواقعية.
فالنتيجة : أنّ مردّ هذه السببية إلى السببية بالمعنى الثاني في انقلاب الواقع وتبدله فلا فرق بينهما من هذه الناحية.
الثالثة : أنّ شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) قد ذكر أنّ حال هذه السببية
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ١١٧.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٩٣.