مورده (١) أنّ القول بأنّ القضاء تابع للأداء لا يمكن إتمامه بدليل ، والسبب فيه هو أنّ هذا القول يقوم على أساس أن تكون للصلاة مصلحتان ملزمتان : إحداهما تقوم بذات الصلاة. والاخرى تقوم بحصة خاصة منها ـ وهي الصلاة في الوقت ـ وعلى هذا فبطبيعة الحال يتعلق بها أمران : أحدهما بطبيعي الصلاة على نحو الاطلاق. والآخر بحصة خاصة منها ، ومن المعلوم أنّ سقوط الأمر الثاني بسقوط موضوعه كخروج الوقت لا يستلزم سقوط الأمر الأوّل ، لعدم الموجب له ، فعندئذ إن ترك المكلف الصلاة في الوقت عصياناً أو نسياناً وجب عليه الاتيان بها في خارج الوقت ، فانّ سقوط الأمر المتعلق بالصلاة المقيدة في الوقت لا يستلزم سقوط الأمر المتعلق بها على نحو الاطلاق ، وهذا معنى القول بكون القضاء تابعاً للأداء.
فما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره إنّما يتم على ضوء هذا القول ، ولكنه خاطئ جداً ولا واقع موضوعي له أصلاً ، والسبب في ذلك : ما ذكرناه في الدورات السابقة ، وسنذكره إن شاء الله تعالى في هذه الدورة أيضاً ، من أنّ حال تقييد المأمور به كالصلاة مثلاً بالوقت كحال تقييده بغيره من القيود ، فكما أنّ المتفاهم العرفي من تقييده بأمر زماني هو وحدة المطلوب لا تعدده ، وأنّ المأمور به هو الطبيعي المقيد بهذا القيد ، فكذلك المتفاهم العرفي من تقييده بوقت خاص ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً.
هذا في التقييد بالمتصل واضح ، كقوله تعالى : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ )(٢) حيث لايستفاد منه عرفاً إلاّ أمر واحد متعلق بحصة خاصة
__________________
(١) راجع المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٢٤٧ وما بعدها.
(٢) الإسراء ١٧ : ٧٨.