وَافْتَخَرَ بِالنَّارِ ، فَيَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا رَأَى كَرَامَةَ آدَمَ وَوُلْدِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ : ( يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً ).
وَفِي الْحَدِيثِ ـ فِي قَوْلِهِ ( يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً ) : « أَيْ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ » (١).
وَفِي الْحَدِيثِ : « عَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ».
قيل معناه : افتقرت ولا أصبت خيرا على الدعاء. ومثله « تَرِبَتْ يَمِينُكَ ».
قال بعض المحققين : وقد ذهب إلى ظاهره ـ يعني الحديث ـ بعض أهل العلم ولم يصب ، فإن ذلك وما سلك مسلكه من الكلام تستعمله العرب على أنحاء كثيرة ، كالمعتبة والإنكار والتعجب وتعظيم الأمر والاستحسان والحث على الشيء ، والقصد فيه هاهنا هو الحث على الجد والتشهير في طلب المأمور به واستعمال التيقظ ، مثل قولهم : « انْجُ لَا أَبَا لَكَ « انتهى. وهو جيد متين يؤيده ما ذكر في مجمع البحار حيث قال : « تَرِبَتْ « بالكسر ـ المدح والتعجب والدعاء عليه والذم بحسب المقام ـ انتهى. ومن هذا الباب
قَوْلُهُ (ص) لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ : « تَرِبَتْ يَدَاكِ ، إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَمَنْ يَعْدِلُ؟ ».
وَفِي حَدِيثِ أَفْلَحَ ، « تَرِّبْ وَجْهَكَ ».
أي ألقه في التُّرَاب ، فإنه أقرب إلى التذلل وكان أفلح ينفخ إذا سجد ليزول التراب. و « أبو تُرَابٍ » من كنى عَلِيٍّ (ع) كني بذلك لأنه صاحب الأرض كلها ، وحجة الله على أهلها ، وبه بقاؤها وإليه سكونها ـ قاله في معاني الأخبار (٢). و « أرض طيبة التُّرْبِ » أي التُّرَابِ و « التُّرْبَةُ » المقبرة ، والجمع « تُرَبٌ » كغرفة وغرف. و « خلق الله التَّرْبَة يوم السبت « يعني الأرض.
وَفِي حَدِيثٍ : « أَتْرِبُوا الْكِتَابَ فَإِنَّهُ أَنْجَحُ لِلْحَاجَةِ ».
من « أَتْرَبْتُهُ » إذا جعلت عليه التراب ، ومثله في حَدِيثِ الرِّضَا (ع) « كَانَ يُتَرِّبُ الْكِتَابَ ».
و « تَرَبْتُ الكِتَابَ » من باب
__________________
(١) تفسير البرهان ج ٤ ص ٤٢٣.
(٢) انظر ص ١٢٠.