« فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا اصْنَعُوا لَنَا فَالُوذَجاً » (١).
وَفِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ » أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَتَى النَّبِيَّ (ص) بِفَالُوذَجٍ فَأَكَلَ مِنْهُ وَقَالَ : مِمَّ هَذَا يَا عَبْدَ اللهِ؟ فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي نَجْعَلُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ ثُمَّ نَسُوطُهُ حَتَّى يَنْضَجَ فَيَأْتِيَ كَمَا تَرَى ، فَقَالَ (ص) إِنَّ هَذَا طَعَامٌ طَيِّبٌ ».
(فوج)
قوله تعالى : ( فَتَأْتُونَ أَفْواجاً ) [ ٧٨ / ١٨ ] الْفَوْجُ : الجماعة من الناس ، والجمع أَفْوَاجٌ مثل ثوب وأثواب ، وجمع الْأَفْوَاجِ : أَفَاوِجُ وأَفَاوِيجُ ، أي تأتون من القبور إلى موقف الحساب أمما كل أمة مع إمامهم ، وقيل جماعات مختلفة.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ : رَوَى مُعَاذٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ (ص) أَنَّهُ قَالَ : يُحْشَرُ أَصْنَافٌ مِنْ أُمَّتِي أَشْتَاتاً قَدْ مَيَّزَهُمُ اللهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَدَّلَ صُوَرَهُمْ ، فَبَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقِرَدَةِ ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْخَنَازِيرَ ، وَبَعْضُهُمْ مُنَكَّسُونَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ فَوْقِ وُجُوهِهِمْ يُسْحَبُونَ عَلَيْهَا ، وَبَعْضُهُمْ عُمْيٌ ، وَبَعْضُهُمْ صُمٌّ بُكْمٌ ، وَبَعْضُهُمْ يَمْضُغُونَ أَلْسِنَتَهُمْ ، فَهِيَ مُدْلَاتٌ عَلَى صُدُورِهِمْ يَسِيلُ الْقَيْحُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ، وَبَعْضُهُمْ مُقَطَّعَةً أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ، وَبَعْضُهُمْ مُصَلَّبُونَ عَلَى جُذُوعٍ مِنْ نَارٍ ، وَبَعْضُهُمْ أَشَدُّ نَتْناً مِنَ الْجِيَفِ ، وَبَعْضُهُمْ مُلَبَّسُونَ ثِيَاباً سَابِغَةً مِنْ قَطِرَانٍ لَازِقَةً بِجُلُودِهِمْ ، فَأَمَّا الَّذِينَ عَلَى صُورَةِ الْقِرَدَةِ فَالْقَتَّاتُ مِنَ النَّاسِ ، وَأَمَّا الَّذِينَ عَلَى صُورَةِ الْخَنَازِيرِ فَأَهْلُ السُّحْتِ ، وَأَمَّا الْمُنَكَّسُونَ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَأَكَلَةُ الرِّبَا ، وَأَمَّا الْعُمْيُ فَالَّذِينَ يَجُورُونَ فِي الْحُكْمِ ، وَأَمَّا الصُّمُّ الْبُكْمُ فَالْمُعْجِبُونَ بِأَعْمَالِهِمْ ، وَأَمَّا الَّذِينَ يَمْضَغُونَ أَلْسِنَتُهْمْ فَالْعُلَمَاءُ وَالْقُضَاةُ الَّذِينَ خَالَفَ أَعْمَالُهُمْ أَقْوَالَهُمْ ، وَأَمَّا الَّذِينَ قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ فَهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْجِيرَانَ ، وَأَمَّا الْمُصَلَّبُونَ عَلَى جُذُوعٍ مِنَ النَّارِ فَالسُّعَاةُ بِالنَّاسِ إِلَى السُّلْطَانِ ، وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ أَشَدُّ نَتْناً مِنَ الْجِيَفِ فَالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ وَيَمْنَعُونَ حَقَّ اللهِ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَأَمَّا الَّذِينَ يُلْبَسُونَ الْجِبَابَ فَأَهْلُ الْكِبْرِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ (٢).
__________________
(١) الكافي ج ٦ ص٣٢١.
(٢) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٢٣ ـ ٤٢٤ مع اختلاف في الألفاظ.