يوقع على التثنية الجمع ، ويحتج له بقوله تعالى : ( وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ ) ويريد سليمان وداود.
وَحَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ أَتَى كِسْرَى فِي جَدْبٍ أَصَابَهُمْ بِدَعْوَةِ النَّبِيِّ (ص) يَسْتَأْذِنُهُ لِقَوْمِهِ أَنْ يَصِيرُوا فِي نَاحِيَةٍ مِنْ بِلَادِهِ ، فَقَالَ : إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ غُدُرٌ حُرُصٌ فَإِنْ أَذِنْتُ لَكُمْ أَفْسَدْتُمُ الْبِلَادَ وَأَغَرْتُمْ عَلَى الْعِبَادِ. قَالَ حَاجِبٌ : إِنِّي ضَامِنٌ لِلْمَلِكِ أَنْ لَا يَفْعَلُوا. قَالَ : فَمَنْ لِي بِأَنْ تَفِيَ؟ قَالَ : أَرْهَنُكَ قَوْسِي. قَالَ : فَضَحِكَ مَنْ حَوْلَهُ. فَقَالَ كِسْرَى : مَا كَانَ لِيُسَلِّمَهَا أَبَداً ، فَقَبِلَهَا مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُمْ ، فَلَمَّا مَاتَ حَاجِبٌ ارْتَحَلَ ابْنُهُ عُطَارِدٌ (١) إِلَى كِسْرَى فَطَلَبَ قَوْسَ أَبِيهِ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَسَاهُ حُلَّةً ، فَلَمَّا رَجَعَ أَهْدَاهَا إِلَى النَّبِيِّ (ص) فَبَاعَهَا مِنْ يَهُودِيٍّ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ.
ومنه حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) وَقَدْ جَاءَ [ إِلَى ] رَجُلٍ مِنْ مَوَالِيهِ يَسْتَقْرِضُهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ إِلَى مَيْسَرَةٍ فَقَالَ : « وَلَكِنْ أُرِيدُ وَثِيقَةً « قَالَ : فَنَتَفَ لَهُ مِنْ رِدَائِهِ هُدْبَةً (٢) فَقَالَ : هَذِهِ الْوَثِيقَةُ. قَالَ : فَكَأنَّ مَوْلَاهُ كَرِهَ ذَلِكَ فَغَضِبَ وَقَالَ : أَنَا أَوْلَى بِالْوَفَاءِ أَمْ حَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ؟ فَقَالَ : أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ. قَالَ : فَكَيْفَ حَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ يَرْهَنُ قَوْساً وَإِنَّمَا هِيَ خَشَبَةٌ عَلَى مِائَةِ جِمَالَةٍ وَهُوَ كَافِرٌ فَيَفِي وَأَنَا لَا أَفِي بِهُدْبَةِ رِدَائِي؟.
وَفِي الْحَدِيثِ : « تُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ حِينَ يَغِيبُ حَاجِبُهَا ».
قيل يريد بحاجبها طرفها الأعلى من قرصها. قيل : سمي بذلك لأنه أول ما يبدو منها كحاجب الإنسان. « والحَجَبَةُ » جمع حَاجِبِ : البيت ، وهو المانع عن رؤية الْمَحْجُوبِ عنه.
وَفِي الْحَدِيثِ : « وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ إِلَى الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ إِلَى الْحَجَبَةِ ».
كذا في أكثر النسخ وفِي بَعْضِهَا « وَإِنَّمَا لَا يُسْتَحَبُّ ».
وهو أقرب.
وَفِي الدُّعَاءِ » عِبَادُكَ الْمُحْتَجِبُونَ
__________________
(١) انظر ترجمة عطارد هذا في أسد الغابة ج٣ ص ٤١١.
(٢) الهدبة بفتح الهاء وسكون الدّالّ : الشّعرة.