الله في النفوس كالشهوة والحرص للابتلاء ولمصلحة عمارة العالم ، وإنما المذموم أن يستولي سلطانه على القلب فيطاع.
(شرح)
قوله تعالى : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) [ ٩٤ / ١ ] قال الشيخ أبو علي :
رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ص أَنَّهُ قَالَ : « سَأَلْتُ رَبِّي مَسْأَلَةً وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ. قُلْتُ : أَيْ رَبِّ إِنَّهُ قَدْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي مِنْهُمْ مَنْ سَخَّرْتَ لَهُ الرِّيحَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى ، فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ تَعَالَى ... ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) إِلَخْ » (١).
والشَّرْحُ : فتح الشيء مما يصدر عن إدراكه ، وأصل الشَّرْحِ التوسعة ، ويعبر عن السرور ، بسعة القلب وشَرْحِهِ وعن الهم بضيق القلب لأنه يورث ذلك ، والمعنى ألم نفتح صدرك ونوسع قلبك بالنور والعلم حتى قمت بأداء الرسالة وصبرت على المكاره واحتمال الأذى واطمأننت إلى الإيمان ، فلم تضق به ذرعا ، ومعنى الاستفهام في الآية التقرير ، أي قد فعلنا ذلك
عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) قَالَ : لِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام (٢).
قوله : ( فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ) [ ٦ / ١٢٥ ] قال المفسر : أي يثبت عزمه عليه ويقوي دواعيه على التمسك به ويزيل عن قلبه وساوس الشيطان وما يعرض في القلوب من الخواطر الفاسدة ، وإنما فعل ذلك لطفا له ومنا عليه وثوابا على اهتدائه بهدى الله وقبوله إياه ، ونظيره قوله تعالى ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ... ) والدليل على أن شرح الصدر قد يكون ثوابا قوله : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) ، ومعلوم أن وضع الوزر ورفع الذكر يكون ثوابا على تحمل أعباء الرسالة وكلفها ـ انتهى (٣). ومثله قوله : ( شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ) [٣٩ / ٢٢ ].
__________________
(١) مجمع البيان ج ٥ ص ٥٠٨.
(٢) البرهان ج ٤ ص ٤٧٤.
(٣) مجمع البيان ج ٢ ص٣٦٣.